5 دقائق

تنبؤات الغيب

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

لاتزال تنبؤات الغيب تتردد بين الناس من وقت لآخر تارة عن طريق الخرافات، وأخرى عن طريق علم الفضاء، وثالثة عن طريق الاكتشافات.. ولايزال ينبئك كل من يرى نفسه أنه خبير

والليالي من الرزايا حبالى مثقلات يلدن كل عجيب

ولا أعجب ممن يتنبأ وينبئ، فهو إما جاهل أو كافر، بل من الذي ينقل مثل هذه الأكاذيب ويسندها إلى مصدر وكالات الفضاء وعلمائه، وكأنه {حم تنزيل}، مع أن هذا الناقل من الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين! فكيف يجتمع ذلك مع ما يعلمه الخاص والعام أن طلوع الشمس من مغربها هو من أشراط الساعة الكبرى التي اختص الله نفسه بعلمها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، وقال: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}، وقال: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا الآية الكريمة.

«إن طلوع الشمس من مغربها يعني إقفال باب التوبة عن العباد، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً».

ومعلوم أن طلوع الشمس من مغربها هو آخر أشراط الساعة التي أخبرنا الله تعالى أنها قد اقتربت، ولكن بعلمه هو سبحانه لا بعلم أحد من خلقه، حتى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي علمه ما لم يكن يعلم، وكان يخبر عن نفسه أنه بعث والساعة كهاتين ــ وأشار بالسبابة والوسطى ــ كناية عن قربها، قال لجبريل حينما سأله عنها بـ«متى»، قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل»، أي كلانا بعدم علمها سواء.

إن طلوع الشمس من مغربها يعني إقفال باب التوبة عن العباد، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، وهي لا تأتي حتى يخرج المهدي ثم يخرج الدجال، ثم ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، ثم يخرج قوم يأجوج ومأجوج، ثم تخرج الدابة تكلم الناس وتختم على جبين كل إنسان ــ المؤمن مؤمناً والكافر كافراً ــ كما وردت بكل ذلك الأحاديث الصحيحة، ثم يكون خاتمتها طلوع الشمس من مغربها التي بعدها تُبَسُّ الجبال بَسّاً فتكون هباءً منبثا، وتدك الأرض دكا، وهذه كلها حقائق غيبية أخبر عنها العليم الخبير سبحانه، فلا يجوز أن تؤقَّت بمواقيت الناس ولا علاماتهم، ولا يجوز تصديق المنبئين أو المنجمين، وعلى الناس أن يعلموا أنه إذا ظهرت إحدى العلامات الكبرى فالتاليات بعدها كأنها خرز مسبحة، وعلى المسلم أن يعد نفسه لتلك الساعة بمثل ما أعده ذلك الأعرابي «حب الله ورسوله»، ليكون المسلم مع من أحب كما بشّره النبي صلى الله عليه وسلم.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر