5 دقائق

النخل ذات الأكمام

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

ليس في الثمر أنفع من الرطب والتمر، ولا ألذ من العنب والزبيب، ولا أطيب من القمح، فقد خلقها الله تعالى لنفع الإنسان أياً كان في كل زمان ومكان، ومن أجل ذلك فرض الله تعالى في هذه الأنواع زكاة ليكون لكل إنسان مسلم حق فيها، فقال سبحانه ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، وقد بينت السنّة أن الحق الواجب في الحبوب والثمار هو في أربعة أصناف كما في حديث معاذ بن جبل وأبي موسى، رضي الله تعالى عنهما، حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم، فقال لهم: «لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر»، ويقاس عليها ما في معناها مما يقتات اختياراً ويدخر، وذلك إذا بلغت نصاباً وهو خمسة أوسق كما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، تقدّر بـ653 كيلوغراماً تقريباً، فمن بلغت ثمرة نخله هذا القدر كان عليه حق الفقراء والمساكين ونحوهم من الغارمين وأبناء السبيل، فيخرج قدراً يسيراً مما أفاء الله تعالى عليه من هذا الثمر الطيب المبارك بنسبة 5% ما دام مسقياً بكلفة كما قال صلى الله عليه وسلم: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرياً العُشر، وما سقي بالنضح نصف العشر»، يؤديها بنيّة الزكاة والقربة لله تعالى بنفع عباد الله من إخوانه وأخواته المسلمين، طيبة بها نفسه، فيبارك الله تعالى له في نخله وثمره وأرضه، لأن الزكاة نماء وبركة للمزكي والمزكى منه، وهي من أطيب الحلال للمزكى عليه إذا كان مستحقاً لها، وإلا فإنها تحرم عليه، فإنما هي حق لفقراء المسلمين ومحتاجيهم، «تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم».

ولأهمية الزكاة من هذه الأنواع فإنه لا يؤُثِّر على إخراجها دَينٌ ولا غُرم، لتشوُّف الفقراء إليها، فهم يحتاجون أن ينالوا من الثمر في وقته، وهم يرونه ظاهراً أمام أعينهم، فلا يعذرون ربَّه منه، وما أكثر ثمر النخل هذه الأيام وما أطيبه! وما أشد تطلّع الفقراء إليه! فلو أن أصحاب النخيل أغنوهم عن التطلع لبارك الله لهم في زرعهم وضرعهم، وإن لم يقوموا بذلك فسيحرمون خيراً كثيراً، كما قص الله تعالى علينا حال صاحب الجنة في سورة القلم، حينما لم يقم أبناؤه من بعده بسيرته من الجود والإحسان لبني الإنسان.

* كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

«الزكاة نماء وبركة للمزكّي والمزكّى منه، وهي من أطيب الحلال للمزكّى عليه إذا كان مستحقاً لها، وإلا فإنها تحرم عليه».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


تويتر