5 دقائق

رحلة علم هدفها الحياة

الدكتور علاء جراد

في إطار بحثي الدائم عن المؤسسات التي تطبق مفاهيم وممارسات التعلم المؤسسي، زرت الأسبوع الماضي «مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357» بالقاهرة، التي يمكن وصفها في جملة واحدة: «إذا أردت أن ترى مؤسسة متعلمة تلتزم الأسلوب العلمي في كل ما تقوم به فعليك بزيارة مستشفى 57357»، فهو أحد أكبر مستشفيات الأطفال في العالم، واسم المستشفى هو رقم الحساب البنكي نفسه، والعلاج فيه من دون مقابل، إذ يعتمد على التبرعات، وتم تسجيله جمعية نفع عام.

«ستلاحظ فور دخولك المستشفى أنك في مكان مختلف شكلاً وموضوعاً، فالوجوه تحمل مزيجاً فريداً من التعبيرات التي تعكس الحالة الشعورية لأصحابها، وأهم ما تعكسه الحزن العميق والأمل الكبير».

ستلاحظ فور دخولك المستشفى أنك في مكان مختلف شكلاً وموضوعاً، فالوجوه تحمل مزيجاً فريداً من التعبيرات التي تعكس الحالة الشعورية لأصحابها، وأهم ما تعكسه هو الحزن العميق والأمل الكبير في آن واحد. ستجد آباء وأمهات يصطحبون فلذات أكبادهم المصابين بالسرطان، وستتعرف بسهولة إلى هؤلاء الذين بدأوا رحلة العلاج الكيماوي. يتعامل المستشفى يومياً مع أكثر من 500 طفل من علاج ومتابعة وعمليات جراحية وتمريض، ويستقبل الأطفال من جميع أرجاء الوطن العربي وإفريقيا، وقد نجح في الوصول إلىنسبة شفاء 72%، والتي تقترب من النسبة العالمية 85%، ويطمح المستشفى للوصول إليها قريباً.

ما يلفت الانتباه في قصة النجاح هذه، القدرة على بث الأمل في نفس كل من يدخله، سواء كان مريضاً أو زائراً أو متبرعاً، ولم يأت ذلك من فراغ، بل من رؤية واضحة، وأهداف استراتيجية، وقيم مؤسسية تم تدريب جميع العاملين عليها، وتم تبنيها من قبل الجميع، فمن السهل أن تلحظ مدى اهتمام العاملين والعناية التي يولونها لكل شخص، ويطبق المستشفى كثيراً من أساليب التعلم والتميز المؤسسي، كما يتم توثيق ونشر الدروس المستفادة وترجمتها إلى سياسات وإجراءات، مثل تقليل الهدر في استهلاك الدواء، وتصميم المباني لتعتمد على ضوء الشمس، ويعتبر نظام تكنولوجيا المعلومات من عناصر النجاح الرئيسة، كما أن حملات التوعية التي يقوم بها تدرس في الجامعات، وقد انعكس هذا التعلم على النتائج الرئيسة ومؤشرات الأداء، ويطبق المستشفى معايير فنية وإدارية تفوق المواصفات والمعايير الدولية التخصصية. يمكن الاطلاع على الموقع الإلكتروني www.57357.com، وإذا كان بمقدورك زيارة هذا الصرح فلا تتردد في ذلك، إنها حقاً رحلة علم هدفها الحياة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر