كل يوم

عندما مشى سيف بن زايد عكس الاتجاه!

سامي الريامي

«كلنا أبناء زايد، وكلنا أسرة واحدة، واليوم نلتقي كما تلتقي أي أسرة إماراتية فقدت عزيزاً عليها، تستذكر سيرته وتستلهم تضحياته»، هذه الكلمات التي قالها سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هي واقع نعيشه في دولة الإمارات، فالشعب والحكام هم أسرة واحدة كبيرة، أسرة متماسكة، تقدر وتحترم كل فرد فيها، ولا تنسى من أخلص وخدم الوطن أو ضحى من أجله.

سموه أضاف «لن تصبح أسماء الشهداء مجرد صفحات يطويها كتاب، بل سلسلة مبادرات وطنية متواصلة على درب العطاء لهذا الوطن الغالي»، ولذلك لم تنسَ الإمارات فقيد الوطن وشهيد الواجب طارق الشحي، فكان التكريم من أعلى المستويات وسام الإقدام من صاحب السمو رئيس الدولة، وتكريم أسرة الشهيد من قبل الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله.

الإمارات لا تنسى أبناءها، وقادة وحكام الإمارات هم جزء من الشعب، يفرحون لفرح المواطن البسيط، ويقفون معه في حزنه، بل يساعدونه بكل همة لتجاوز هذا الحزن.

عندما طلب عريف حفل تكريم المستضيفين والإعلاميين المحاورين، الذين شاركوا في المجالس الرمضانية لوزارة الداخلية، في دورتها الثانية، من سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الصعود إلى المنصة لبدء التكريم، لم يتوجه سموه باتجاه المنصة، بل مشى في عكس اتجاهها، متجهاً إلى الصفوف الخلفية، لم يعرف المنظمون ولا الحضور السبب، وبدأت الهمسات تسأل عما يحدث، ولا أحد يعرف الإجابة، ثم ما هي إلا دقائق قليلة حتى عاد سموه ممسكاً بيد نجل شهيد الإمارات طارق الشحي، ليرافقه إلى المنصة، ويجاوره طوال الحفل.

هذا الصبي الصغير فقد والده كشخص، لكنه لم ولن يفقد معنى وقيمة ومشاعر الأبوة، فالوطن بقادته وشعبه جميعهم له أب، وسند، وعون، لم ولن ينساه الشيخ سيف بن زايد، كما لم ولن ينساه جميع قادة الوطن وشيوخه، ولن تمضي الأيام برتابتها وتواترها على عائلة الشهيد ليجدوا أنفسهم يوماً منسيين أو محتاجين إلى شيء، لن يأتي هذا اليوم، أنا متأكد من ذلك، فمشهد ليلة أول من أمس يُثبت ذلك، فعلى الرغم من مرور وقت ليس بالقليل على استشهاد طارق، عليه رحمة الله، إلا أن الشيخ سيف بن زايد لم ينسهم، وكانت ملامح الحب والتقدير والأبوة على وجهه شديدة الوضوح، وهو يمشي فرحاً فخوراً ممسكاً بيد ابن الشهيد، هذا المشهد لا يفعله الإنسان إلا مع أعزّ أولاده.

الإمارات لا تنسى أبناءها، وقادة وحكام الإمارات هم جزء من الشعب، يفرحون لفرح المواطن البسيط، ويقفون معه في حزنه، بل يساعدونه بكل همة لتجاوز هذا الحزن، ما فعله سيف بن زايد فعله بفطرته، لم يكن مخططاً له، بدليل أن جميع المنظمين فوجئوا، وارتبكوا قليلاً عند تغييره وجهته، ومن المؤكد أيضاً أن ما فعله محمد بن زايد وسيف بن زايد لتكريم الشهيد وأبنائه علناً أمام الجميع، يفعلان أضعافه هما وجميع شيوخ الإمارات سراً، لتكريم وتقدير عائلة الشهيد وتلبية احتياجاتها، فالأسرة فقدت عائلها وهو يؤدي واجباته الوطنية بكل شرف، ومن حقها الآن أن تعيش بكل كرامة وشرف وفخر، في هذا الوطن الذي يستحق منا كل تضحية.

شعور حب الوطن، وحب القادة، والتمسك باللحمة الوطنية، كان حاضراً بقوة، حاضراً في المناسبة، وحاضراً في سلوك الشيخ سيف بن زايد، فالمناسبة كانت تكريم المستضيفين للمجالس الرمضانية، التي نظمتها وزارة الداخلية للعام الثاني على التوالي، والتي كانت تجربة فاعلة وناجحة في تكريس مفهوم الأصالة الإماراتية، ومفهوم الحوار الراقي في الشؤون الوطنية بصدق وشفافية، حوار من أجل البناء لا الهدم، ومن أجل مواصلة التقدم ومعالجة الأخطاء لا تصيدها، حوار من أجل الإمارات وتدعيم وحدتها وتماسكها، ولأجل مستقبل الأجيال المقبلة، ومن أجل المصلحة العامة، لا من أجل مصالح شخصية وحزبية ضيقة على حساب الوطن والمواطن.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر