5 دقائق

هل نبني جسوراً أم أسواراً

الدكتور علاء جراد

نشأت في بيئة ريفية، وبدأت رحلة تعلّمي على يد والدي - رحمه الله - الذي كان يصطحبني معه عند حضوره جلسات القضاء العرفي، وهو نوع من القضاء الشائع في ريف مصر لحل المنازعات والخلافات ويشبه «التحكيم» حالياً، وقد لاحظت وقتها أن معظم الخلافات كان سببها «كلمة» قيلت فتبعها ردّ من الطرف الآخر، فتطور الأمر إلى فعل، وقد تحتدم الأمور وتصل إلى مراحل لا تُحمد عقباها، ورأيت أمثلة كلفت فيها الكلمة صاحبها تبعات هائلة، ثم كبرت والتحقت بالعمل في مصر ثم الإمارات، وعملت بوظائف مختلفة وشاركت في مبادرات عدة، وشهدت خلافات في العمل ومشاحنات، وسمعت الكثير عن مشكلات العمل في أماكن كثيرة، ودائماً كان السبب أو القاسم المشترك هو «كلمة» أو «جملة». وتعلمت ماذا تعني الكلمات، وكيف يمكن أن تكلف صاحبها أو تنقذه.

«إن الكلمة هي سلاح ذو حدين، فقد تُستخدم للعلاج وحل المشكلات، أو للتصعيد وزيادة هوة الخلاف، لذا يجب أن نكون حذرين جداً في اختيار كلماتنا».

إن الكلمة هي أهم وسيلة للتواصل بين البشر، وسواء كانت الكلمة منطوقة أو مكتوبة. فلابد أن نسأل أنفسنا دائماً قبل التفوّه بكلمة، هل ستبني هذه الكلمة جسراً للتواصل مع الآخرين؟ أم أنها ستبني سوراً بيننا وبين الآخرين؟ يقول الكاتب الإنجليزي ألدوس هوكسلي: «الكلمات مثل أشعة إكس، إذا تم استخدامها بالطريقة الصحيحة فمن السهل أن تخترق أي شيء».

إن الكلمة سلاح ذو حدين، فقد تُستخدم للعلاج وحل المشكلات، أو للتصعيد وزيادة الخلاف، لذا يجب أن نكون حذرين جداً في اختيار كلماتنا، لأنها قد تبني جسوراً من المحبة والتعاون، أو تبني أسواراً وحواجز تصعب إزالتها. إن القائد والمهني الناجح هو الذي يختار كلماته جيداً، ويختار الوقت المناسب لقولها.

ولنتذكر دائماً قول المولى عزّ وجل [أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ]. ولنتذكر أيضاً أن الكلمة الطيبة صدقة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر