5 دقائق

العبث بالطلاق

د.عبدالله الكمالي

من المسائل التي تستدعي وقفة جادة من قبل جميع الجهات العبث بالطلاق، فقد مرت عليّ بعض الحالات التي فيها استهتار واضح بالطلاق، فأحدهم كان يطلّق زوجته مرات عدة في اليوم، فلما راجع المصلح الأسري، ووبخه على هذا العبث بالطلاق، أجاب بأنه لايزال صغيراً في السن! وهذا عذر أقبح من الفعل نفسه، وآخر يطلّق زوجته بحجة أنه كان في لحظة غضب، فيتصل قائلاً: طلقت زوجتي في لحظة غضب، فما الحكم؟ فيكون جوابي: هل سمعت عن شخص طلّق زوجته في لحظة فرح؟‍! فأين ضبط النفس، ولم جعلت الشريعة الطلاق بيد الرجل؟! لأنه الأقدر على ضبط نفسه وامتلاك أعصابه، والأغرب أنه يقول هذه هي الطلقة الثالثة، وكانت في لحظة غضب، ونسي أن لسانه قد تعود على الطلاق، نسأل الله العافية والسلامة، فلم يتعلم من تطليقاته السابقة، وبعضهم يهدد زوجته على كل صغيرة وكبيرة بالطلاق: إن خرجت من المنزل فأنتِ طالق، وإن زرت أهلك فأنتِ طالق، والأغرب أن شاباً عقد على امرأة، وأخذها إلى بيت أهله، ثم هددها: إن رجعت إلى بيت والدكِ فأنت طالق، وهي لاتزال في فترة العقد (الملجة)، فانظر إلى الأثر الخطر لهذا التصرف الأرعن، وبعضهم يربط بين كرمه وتأكيده للأمور بالطلاق، فإن ذهب إلى مطعم قال لزملائه: علي الطلاق بأن العشاء عليّ، ويقول في بعض المواقف: زوجتي طالق إن زرت فلاناً! بل سألني مرة أحدهم فقال: آذاني أحدهم بقيادته السيئة للسيارة، فقلتُ له: علي الطلاق أنك كذا! فهل يقع طلاقي؟!

ما ذنب الأبناء إذا كانت الأم تطلب الطلاق ليل نهار من والدهم دون انتباه إلى خطورة هذا التصرف؟

إن العبث بالطلاق مسألة قبيحة، توجد عند فئة من الرجال، للأسف الشديد، وزيارة واحدة إلى أقسام الإصلاح الأسري في المحاكم ستوضح لكم، معاشر القراء، حجم هذه المشكلة، والآثار المترتبة عليها، وكذلك أيضاً بعض الأخوات تعبث بطلب الطلاق، فعلى كل صغيرة وكبيرة تقول لزوجها: طلقني، وتستفزه في بعض الأحيان قائلة: لو كنتَ رجلاً طلقني، وهذا أمر مرفوض، وتصرف غير مسؤول من هذه الزوجة، فالعبث بالطلاق فيه جناية كبيرة على الأسرة والأبناء، بل فيه جناية على المجتمع، فما ذنب الأبناء الصغار إذا كان والدهم مستهتراً بالطلاق، وكلمة طالق على طرف لسانه؟ وما ذنب الأبناء إذا كانت الأم تطلب الطلاق ليل نهار من والدهم دون انتباه لخطورة هذا التصرف؟ وليت كل رجل تذكر أن المشكلات الأسرية، مهما كانت معقدة، يمكن حلها بشيء من التفاهم والتنازل، وليت كل امرأة تذكرت هذا الحديث الصحيح: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة».

 D_alkamali@

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر