أبواب

الروايات

يوسف ضمرة

انتشرت الرواية العربية كالفطر، انحسرت القصة القصيرة، وتراجع الشعر. أصبح الجميع يتحدثون عن الرواية العربية، ولكن، مهلاً قليلاً، فمن قال إن الرواية العربية تشهد نهضة حقيقية؟

المتتبع للشأن الأدبي يلحظ تنامياً كبيراً في أعداد الروايات التي تقذفها المطابع، الكل يريد أن يكون روائياً، ثمة شعراء تخلوا عن الشعر واتجهوا إلى الرواية. قصاصون اكتشفوا أنهم ربما كانوا مخدوعين فطلّقوا القصة، ونقاد وأكاديميون قرروا الخوض في عالم الرواية، اكتشف الجميع فجأة أنه بقليل من الحظ ، وبكثير من العلاقات العامة، يمكن للمرء أن يكون روائياً، ويمكن أن يصبح نجماً ولو إلى حين، ويمكن أن يجني مالاً لا يجنيه بعمله، ويمكن أن يكون كاتباً عالمياً حين تترجم روايته إلى غير لغة أجنبية. هل ظل ما يمنع بعض الحالمين العرب من التفكير في نوبل؟

هل نمتلك تراثاً روائياً جمالياً ومعرفياً يؤهلنا لهذه القفزة المذهلة والمفاجئة؟ هل ثمة من يخبرنا بأننا أصبحنا فجأة من أكثر شعوب الأرض محبة للرواية، وأننا نقوم بتطويرها تقنياً وبنيوياً.

بالنسبة لنا كقراء، فنحن لا شأن لنا بما يفعله الروائيون أو المتطفلون على الرواية، أعني أن الروائيين ودور النشر لا يفكرون فينا وفي اهتماماتنا وآرائنا، فصار التفكير محصوراً في قدرة الرواية على المنافسة.

بالنسبة لنا كقراء، فنحن لا شأن لنا بما يفعله الروائيون أو المتطفلون على الرواية، أعني أن الروائيين ودور النشر لا يفكرون فينا وفي اهتماماتنا وآرائنا. صار التفكير محصوراً في قدرة الرواية على المنافسة في جائزة مجزية ولافتة إعلامياً، وصار القارئ في ذيل اهتمامات الروائيين والناشرين.

ونحن نقرأ، نحاول أن نعثر على ما يوازي الضجيج الإعلامي للطفرة الروائية العربية، فلا نعثر إلا على محاولات، بعضها يتسم بالجرأة، وبعضها يحاول كسر المألوف، وبعضها يوظف كل ما لدى أصحابها من أسلحة محرمة ومشروعة، يبرز الجنس سلاحاً فعالاً، صحيح أنه كان فعالاً من قبل، إلا أنه لم يكن بهذه الفجاجة التي أصبحنا نتلمسها ونتذوقها.

ما الذي تغير؟ لماذا كانت لدينا روايات عربية نتبادلها نحن القراء بشغف، ولماذا تختفي اليوم؟ كان صدور رواية لإبراهيم أصلان يعد حدثاً استثنائياً، كان الإعلان عن رواية جديدة لصنع الله إبراهيم يشكل حالة استنفار لدى القارئ العربي. وكنا نقرأ، ونتابع ما يقوله الكتاب والنقاد عن تلك الروايات، نقارن بين فهمنا ورؤيتنا لهذه الأعمال، وما يمكن للكتابة عنها أن تكشفه لنا.

اليوم، وفجأة، وفي تاريخ معين، يتم الإعلان عن اللائحة الطويلة للبوكر، التي تضم ست عشرة رواية، هل يمكن أن تصدر في عام واحد ست عشرة رواية بهذه الجودة الفنية العالية التي تؤهلها للتنافس على جائزة رفيعة؟

الجائزة معذورة بالطبع، لأنها مضطرة للتعامل مع ما يردها من ترشيحات، ومضطرة لأخذها على محمل الجد، وإذا كانت اللائحة الطويلة تضم ست عشرة رواية، فإن هذه اللائحة اختيرت من أكثر من مائة رواية. ما يعني أننا كعرب ننتج سنوياً مئات الروايات. كيف؟ ومن أين؟ وهل نمتلك تراثاً روائياً جمالياً ومعرفياً يؤهلنا لهذه القفزة المذهلة والمفاجئة؟ هل ثمة من يخبرنا بأننا أصبحنا فجأة من أكثر شعوب الأرض محبة للرواية، وأننا نقوم بتطويرها تقنياً وبنيوياً وجمالياً ومعرفياً؟ هل ثمة روايات عربية تترك هذا الأثر كله عند القارئ؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه استجابة للمقولة التي شاعت أخيراً «الرواية ديوان العرب»؟ هل يعقل أن نقرأ مقالاً أو اثنين عن رواية من روايات اللائحة القصيرة، ثم نصدق أننا روائيون؟ ودائماً هنالك استثناءات بالضرورة!

damra1953@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  

تويتر