مزاح.. ورماح

وااااااو

أحمد حسن الزعبي

أزاح «اللاب توب» من أمامه ليصبح مناصفة بينه وبين ابنه الشاب، قال الأب: حتى أثبت لك دعنا نضع على «غوغل» بعض مفاتيح الكلمات مثل: «يشتبه فيه بالإرهاب، المكالمة الأخيرة، وقد تلفّظ قبل تنفيذ الهجوم الإرهابي، ووجهت له تهمة الإرهاب بسبب».

أيوه تمام: «enter»، أترى؟ اقرأ النص جيداً، هل صدقتني؟

يا ولدي إذا نويت الذهاب إلى أميركا، إياك ثم إياك أن تقع في مطبّات من سبقوك، أعرف أنه من الصعب إخفاء فطرتك وعقيدتك، لكن حاول ألا تجاهر بها، فقط أبقها بينك وبين نفسك، أو بين أقرانك العرب والمسلمين.

صاح الولد: «الله أكبر» كيف لي ألا أتكلم براحتي هناك، هزّ الأب رأسه قائلاً: هل تعلم أن العبارة التي قلتها الآن بانفعال لو قلتها هناك ستكمل عمرك في «غوانتانامو» الحبيب، يا ولدي افهمني، حاول إذا ما قابلك موقف يدعو إلى الاستغراب أو الاستهجان أو الصدمة، أن تقول: وااااااااو.. مم تشكو الـ«وااااااو»، إنها قوية وتفشّ الغل.

وبالفعل سافر الولد إلى أميركا، وهناك بدأ يدرّب لسانه على «الوااااااو»، عندما شاهد الترتيب والنظام والدقة والسرعة في المطار، قال «وااااااو» فلم يلتفت إليه أحد، ثم شاهد شقراء ممشوقة تخطو خطوات واثقة وموزونة فقال «وااااااااو»، فمضت أموره على ما يرام، وبعدها كلما شاهد بناية «واااااااو»، وكلما تابع مباراة رياضية قال «وااااو»، وكلما دخل مركزاً تجارياً «واااااو»، إذا تأخر في نومه صاح «وااااااو»، وإذا وصله خبر مفرح قال «واااااااو»، مضى أسبوعه الأول على ما يرام، لكنه في الوقت نفسه ملّ الوحدة، وملّ غذاء المعلبات التي أخذ بعضها من بلده والبعض الآخر من سوبر ماركت قريب.

باختصار لقد شعر باشتياق شديد إلى الناس وإلى الطعام الساخن الطازج، اتصل بوالده ليبشره: أنا في طريقي إلى مطعم عربي وجدته مصادفة، سـ«أنسف» أول «منسف» في أميركا يا والدي، تناول الشاب وجبته الشهية، وذهب ليحاسب فاكتشف أن الوجبة ثمنها 100 دولار فصاح «الله أكبر». تجمع حوله رجال بزيّ مدني.

وبعد ساعتين ظهرت صورة الشاب على قناة abc مقيد اليدين، والمذيعة تقول: رصد جهاز «FBI» عبارات غامضة أطلقها شاب يحمل ملامح شرق أوسطية، تتعلق «بنسف» مكان عام، هذا وقد قال شهود عيان إنه كان يردد: «الله أكبر»، ويضع يده في جيبه الخلفي، ما يدلّ على أنه كان يعتزم القيام بعملية إرهابية.

الأب وهو يتابع الأخبار: واااااااااو ع الظلم!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر