كل يوم

قطر تملك القرار!

سامي الريامي

هي ليست حلبة، ولا مجال لتكسير العظام، ولا يوجد خاسر عليه أن يذعن، ولا منتصر يريد إذلال خصمه، بل هناك اتفاق تم التوقيع عليه من قبل وزراء خارجية ست دول، توصلوا إلى بنود هذا الاتفاق بعد اجتماعات عدة، وحصلوا على موافقة الجميع، وتالياً من المنطقي جداً أن يلتزم الجميع بالاتفاق، ليس أكثر من ذلك.

هي مرحلة ومرت، والخلافات أمر طبيعي بين الأفراد كما هو بين الدول، لا نختلف على أنها كانت الأصعب، والأقسى على جميع دول مجلس التعاون الخليجي، فهي كادت أن تعصف بهدوئه واستقراره، وقبل ذلك وشائجه وعلاقات حكوماته وشعوبه، إلا أنها مرت، صحيح أن ذلك لايزال على الورق، لكننا جميعاً نأمل ألا يختلف ما تم الاتفاق عليه على الورق، بالممارسات الميدانية على أرض الواقع، والجميع بيده تحقيق ذلك، خصوصاً قطر، إذا أدركت وآمنت أن أشقاءها في البيت الخليجي هم العون الحقيقي لها، لا أولئك المتلونون المتطرفون عشاق العمل الباطني الخفي!

هي مرحلة انتقالية من الخلافات الحادة، إلى التوافق والاتفاق والتنسيق، وللانتقال من الأولى إلى الثانية، تأتي مرحلة إثبات حسن النيات، والالتزام ببنود آلية تنفيذ اتفاق الرياض، وتنفيذ البنود بصورة كاملة وشاملة من دون تجاهل أو تجاوز أي بند منها، وهذا وحده كفيل بعودة المياه إلى مجاريها صافية نقية كما كانت، وهو أيضاً وحده الذي يكفل عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى العاصمة القطرية.

المرحلة الماضية كانت صعبة على الجميع، والمرحلة الحالية أيضاً بالغة الحساسية، وعلى ضوء معطياتها ستتحدد المرحلة المقبلة، إما بعودة الدفء إلى العلاقات الخليجية، أو باستمرار بقاء سفراء الدول الثلاث في عواصمهم.

وزراء خارجية التعاون تعاملوا بكل صدق وإخلاص مع هذا الملف، منذ بداية الأزمة إلى نهايتها، وحتى في بيانهم الرسمي عقب توقيع قطر على آلية تنفيذ اتفاق الرياض، لم يصدر منهم ما يسيء إليها، أو يشير إلى خلفيات الخلاف، ولم يرسلوا أي رسالة لوم أو عتب، كما لم يلجأوا إلى أي ضغوط كلامية أو نفسية، بل إن البيان لم يأتِ على ذكر اسم قطر مباشرة في أي فقرة من فقراته، في حين أن الصغير قبل الكبير في جميع دول المجلس يعرف تماماً خلفيات الأزمة وأسبابها، ويدرك أن قطر وقعت اتفاقاً في الرياض، ثم لم تلتزم به، ما أدى إلى سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين، ويعرف أيضاً أن دول المجلس الخليجي وضعت آلية تنفيذ لاتفاق الرياض، لضمان تنفيذ بنوده، رفضت قطر توقيعها في البداية، ما أدى إلى زيادة حدة الخلاف، ثم سرعان ما راجعت سياستها ووقعت على الآلية، معظم هذه المعلومات، وغيرها كثير، نشر في صحف رسمية أو مواقع تواصل اجتماعي، ولم تعد سراً على أحد، ومع ذلك جاء البيان الخليجي عاماً رحوماً يتحدث بصفة عامة من دون الإشارة إلى قطر مع أنها محور الخلاف!

هذا هو الأسلوب الخليجي في حل الخلافات دائماً، ليس هناك ما يستدعي الضغط بعد الموافقة، فالمسألة ليست ساحة استعراض للعضلات، ولا يوجد خاسر ومنتصر، بل هناك اتفاق والمطلوب تنفيذ بنوده، لمصلحة الجميع، ولمصلحة أمن واستقرار المنطقة، وأمان شعوبها، فمنظومة الدول الخليجية رغم كل شيء استطاعت أن تحافظ على استقرار ورخاء الشعوب، في وقت تفتك فيه الأزمات بدول قريبة وبعيدة، ويفقد البشر أمنهم وأمن أطفالهم في أماكن كثيرة، لذلك فإن بقاء مجلس التعاون هو خيار استراتيجي لجميع دول وشعوب المنطقة، لا يمكن التفريط فيه، ولا الاستغناء عنه، مهما ظن البعض أن المال والإعلام ربما يجعلانه في غنى عن جيرانه، لن يحدث ذلك أبداً، ولن يكون المال بديلاً عن الأشقاء والجيران، الذين يمتلكون تاريخاً مشتركاً ومصيراً واحداً!

المرحلة الماضية كانت صعبة على الجميع، والمرحلة الحالية أيضاً بالغة الحساسية، وعلى ضوء معطياتها ستتحدد المرحلة المقبلة، إما بعودة الدفء إلى العلاقات الخليجية، أو باستمرار بقاء سفراء الدول الثلاث في عواصمهم، مع زيادة حدة الخلاف وتصعيده، لأن الثالثة ستكون حتماً ثابتة، وقطر هي من يملك القرار، فلننتظره من الدوحة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر