كل يوم

قناعة أم انحناءة مؤقتة لموجة الغضب!

سامي الريامي

توقيع وزراء خارجية دول التعاون على آلية تنفيذ اتفاق الرياض، أو بالأحرى توقيع قطر على هذه الآلية، لأنها هي من كان يرفض التوقيع، خطوة إيجابية في طريق عودة العلاقات الخليجية لسابق عهدها، فمجلس التعاون مهما اختلفنا على آلية عمله وإنجازاته على أرض الواقع، فإننا لا نختلف أبداً على ضرورة بقائه، وتمسكنا به، وضرورة تطويره، فهو مظلة الأمن والأمان لشعوب دول الخليج العربية.

عودة قطر إلى الصف الخليجي، بعد أن كادت تتسبب في تفريق دوله، وإلغاء وجود المجلس ككيان واحد، خطوة جيدة، لكن عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين مازالت مرهونة بالتزام قطر ببنود اتفاق الرياض، وتنفيذها الآلية الجديدة التي تمّ إقرارها بإجماع الأعضاء، خصوصاً مع وجود سابقة للتوقيع من أعلى مستويات القيادة القطرية، ثم عدم الالتزام بالتعهدات، لذلك فالتوقيع الجديد لن يكون عنصراً كفيلاً بإنهاء الخلاف ما لم يتم الالتزام به!

عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين مازالت مرهونة بالتزام قطر ببنود اتفاق الرياض، وتنفيذها الآلية الجديدة التي تمّ إقرارها بإجماع الأعضاء.

لابد من مراقبة الوضع، وانتظار تحول اتفاق الرياض إلى إجراءات قطرية واضحة لتنفيذ بنوده الرئيسة، إضافة إلى بنود آلية التنفيذ، أهمها عدم دعم «الإخوان المسلمين»، وإخراجهم من الدوحة، التي أصبحت حاضنة لهم، بل راعية لنشاطهم المعادي لأشقائها، ومساندة لتوجهاتهم العدائية تجاه الإمارات والسعودية تحديداً، وإخماد أصوات الفتنة التي نشطت عبر وسائل الإعلام الرسمية القطرية!

منع الإعلام الرسمي من التهجم على دول مجلس التعاون كان بنداً مكتوباً، وتم التوقيع عليه من قبل القطريين، لذا لابد من الالتزام بذلك، فالإعلام القطري خلق وضعاً جديداً، وسابقة خطيرة غير معهودة في نشر الإساءات في وسائل إعلام رسمية، فنحن هنا لا نتحدث عن وسائل تواصل اجتماعي، بل صحف رسمية، ورؤساء ومديري تحرير معينين من الدولة، ومع ذلك سخّروا أقلامهم في صحفهم، وحساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي للكتابة بطريقة غير مهنية، ومهينة لأشقائهم، وبإسفاف بعيد عن أخلاق الصحافة، وقيم شعوب المنطقة، وقبل ذلك أخلاق الرجال، الذين لا «يفجرون» في الخصومة، ووصلوا إلى درجة لا يمكن تخيل رداءتها، كشفت سوءاتهم، وضحالة فكرهم، في وقت يفترض أن يكونوا فيه هم قادة رأي، وعوامل بناء في المجتمعات الخليجية، لا معاول هدم وشقّ في الصفوف، يزيدون الفرقة، ويشعلون الفتنة!

شيء في منتهى الغرابة من مسؤولين «رسميين» في صحف قطرية، حان وقت إيقافه، على الرغم من أن المؤشرات الأولية القادمة من الدوحة عقب توقيع الاتفاقية لا توحي بوصول تعليمات إلى تلك الفئة، لكن ذلك يجب ألا يدوم طويلاً، فآلية تنفيذ الاتفاق واضحة البنود والمعالم، ولا يمكن تجزئتها، واختيار بعضها للتنفيذ، وتجاهل البعض، لن يحدث ذلك، وعلى قطر أن تسرع في تنفيذ الاتفاق، إن كانت ترغب في عودة السفراء، والكرة الآن في ملعبها!

ومع ذلك، فلابد أن نتفاءل بعودة العلاقات الخليجية ــ الخليجية إلى سابق عهدها، وعودة اللحمة والتعاضد والتنسيق الخليجي لما كان عليه، فجميع ما حولنا من تحديات ومصاعب، تحتم علينا التأكيد على ذلك، فالمصير الواحد، ومستقبلنا ووجودنا وبقاؤنا مشترك، هذه ليست شعارات نرفعها، بل هذا واقع حتمي مؤمنون به، وأي خطر يقترب من أي دولة خليجية هو بكل تأكيد تهديد وخطر لجميع الدول الأخرى، ولن تعيش دولة خليجية واحدة في أمان واستقرار ما لم يعمّ هذا الأمن جميع دول المجلس، هذه حقائق لابد أن نتمسك بها، لهذا لا يُخفي أحد منا سعادته بعودة قطر إلى صف أشقائها في دول المجلس، لكن لا يُخفي أحد أيضاً أمانيه بأن تلتزم قطر بتعهداتها، وتثبت أن عودتها للمجلس قناعة منها بذلك، لا تمويه أو انحناء لموجة الغضب المشترك عليها!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر