5 دقائق

ألم وأمل

د.عبدالله الكمالي

تمر بالإنسان في هذه الدنيا مواقف مختلفة، وتبقى مواقف الألم صعبة على النفس، وتحتاج إلى توفيق عظيم من الله لنا كي نتجاوزها بسهولة ويسر، ولن أنسى تلك المكالمة التي يخبرني فيها المتصل بأنه مرت عليه ظروف صعبة للغاية، فكر فيها بالانتحار! نعم أيها الأحبة الكرام، فبعض المواقف قد يصل فيها الإنسان إلى مرحلة كبيرة جداً من اليأس والإحباط، فيقع في حبائل الشيطان، ويفكر في حلول مغلوطة ومحرمة شرعاً لتجاوز مشكلته، فمهما كان الألم كبيراً فثقوا تماماً بأن علاج هذا الموقف لن يكون إلا بطاعة الله والبعد عن سخطه، وما أجمل أن نقوم فنصلي ركعتين لله عند تتابع الأحزان والهموم، فكم من قلب مثقل بالهموم ارتاح واطمأن بذكر الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أقلقه أمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول لبلال، رضي الله عنه: «أرحنا بها يا بلال»، وأخبرنا عليه الصلاة والسلام بأن هذه المنغصات إن صبرنا عليها كتب الله لنا أجراً عظيماً، ففي الحديث الصحيح: «ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه».

في بعض المواقف قد يصل الإنسان إلى مرحلة كبيرة من اليأس فيقع في حبائل الشيطان، ويفكر في حلول مغلوطة ومحرمة.

إن النفس لو هدأت تمكنت من التفكير السليم والمناسب لعلاج المشكلة، فالاسترسال في التفكير السلبي قد يؤثر في اتخاذ القرار الفاشل، وقد يبتلى الإنسان بسبب هذا التفكير السلبي بأمراض مزمنة ومتعبة، والسبب أنه استرسل في التفكير في آلامه، ولم يفكر جيداً في إقناع نفسه بأن بعد هذا الألم أملاً، بإذن الله، ومن جميل الحكم: «كثيرون يجيدون الحديث عن المشكلة، وقلة منهم يفكرون في حلها»، فعندما تقع مشكلة أسرية مثلاً نجد بعضهم ينهار سريعاً، وتسبب له هذه المشكلة إحباطاً قاسياً للغاية، وهذه الطريقة، للأسف الشديد، لن تعالج المشكلة، بل ستزيد من حدتها، وكم مرت عليّ من حالات لا أسمع صوتاً في المكالمة إلا صوت البكاء والحزن من هذه الزوجة المسكينة التي تعاني من زوجها، وأحياناً يتصل بعضهم ويبكي بكاءً عظيماً، لأنه يعاني من زوجته، وعندما أبدأ في الحديث معهم أجد أن حل المشكلة قريب جداً منهم، لكن طريقة التفكير هذه لم تكن مناسبة للوصول إلى حل، لذلك ليكن كلامنا عن حل المشكلة أكثر من كلامنا عن المشكلة نفسها، ولنغرس في نفوسنا حسن الظن بالله، ورجاءه، والتفاؤل الطيب الحسن، وأيضاً لنصاحب من ينظرون إلى الحياة من جانب الأمل والتفاؤل، ولنبتعد عن الأشخاص الذين يفكرون بطريقة سلبية، فكم من صاحب وقف مع صاحبه وشجعه وذكّره بالله، وكان الصديق الوفي لصاحبه، وبيّن له أن بعد الألم أملاً، بإذن الله.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر