مزاح.. ورماح

معجب «لسان العرب»

أحمد حسن الزعبي

تعود إليك الثقة كما يعود الابن الضال إلى أهله، عندما يقوم أحدهم برشّ عطر «الإشادة» على يديك وتحت إبطيك ويبوح لك بمكانتك في حياته، وينبت ريش الزهو على ظهرك وكتفيك، عندما يشرح لك المعجب كيف أصبحت مفردة يومية في حياته، كما تترقرق الدمعة في عينك عندما يعترف لك المُعجب نفسه بحجم تأثيرك الذي غيّر طريقة تفكيره وشخصيته وعلاقته مع الأشياء.

الأسبوع الماضي كتب لي أحدهم على بريدي الخاص «أنت أيها الكاتب لا تعرف ماذا صنعت بي! لقد جعلت إدماني الصباحي ينتقل من القهوة إلى الكلمة، ومن الدخان إلى الابتسامة، أنت أثّرت فيّ أكثر مما تتخيل، وأعدت بناء شخصيتي لتنسجم مع شخصيتك، أنا لم أتوقف عند إعجابي بكل ما تكتب ولا تأييدي لفكرك النيّر الواسع الاطلاع، ستفاجأ إن قلت لك إنك جعلتني أهجر المتابعة الإلكترونية لك، واتّخذ بدلاً من ذلك المتابعة الورقية، نعم المتابعة الورقية، لماذا تتعجب؟ هل تعتقد أنك عندنا هيّن؟ ليس أجمل من الورق، الورق يحسسني أن الكلمة شيء ملموس، وأن الكاتب بين يدي ورفيقي في المكتب والسيارة والبيت، نعم صرت أحسّ بقربك أكثر منذ أن اشتركت بالجريدة الورقية، صرت أحسّ بصدق إحساسك منذ أن صرت أمسك الورق، أنت يا أنت يا من جعلتني أهجر الإنترنت وأشترك دون تفكير بالصحيفة الورقية، أنت يا أنت أرأيت حجم تأثيرك؟ لأجلك فقط عشقت الصحيفة الورقية، أنت من صنع هذه الألفة بيني وبين حبر المطابع، حتى أضحت رائحة الصحيفة أشهى من رغيف الخبز، ببساطة أنت لسان العرب».

وأثناء قراءتي الرسالة، تنهّدت وسرت قشعريرة في جسدي، أحسست بأني أقطف ثمار الكتابة للمرة الأولى في حياتي، بعد أن مضى عقد ونصف العقد من ممارسة هذه المهنة وأنا مثل دولة «أبخازيا» موجود على الخريطة، لكن لا يعترف بي أحد. أخذت رشفة من فنجان الزنجبيل بحليب، وتابعت قراءة رسالة المعجب:

«باختصار الآن صار للمقال طعم مختلف، وصارت للورق قيمة مختلفة، شكراً لأنك من شجعني على الاشتراك بالجريدة، شكراً لأنك أعدتني للجريدة الورقية وأعدت الجريدة الورقية إلي». أخوك: (أبومحمد).

ثم كتب (أبومحمد) ملاحظة في ذيل الرسالة قال فيها: «صحيح بخصوص الكوبون أبو 300 درهم الذي أخذته لما اشتركت بالجريدة هل له مدّة محددة أم مفتوح المدّة؟ وسؤال آخر لو سمحت متى السحب على السيارة؟».

عندها نزلت من عيني دمعة «أبخازية» جديدة.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر