كل يوم

المستقبل للحياة «الذكية»..

سامي الريامي

لا يمكن لعقل بشري أن يتخيّل شكل الحياة في المستقبل القريب، فكيف الحال بعد عشرات السنين، فالتطور التقني يسير بسرعة الضوء، والحياة «الذكية» هي سمة العالم خلال الثلاثة أعوام المقبلة، التي من المؤكد أنها ستشهد ثورة حقيقية سريعة للغاية، تجعل من حياتنا اليوم وتعاملنا الحالي مع التقنية، بكل ما فيها، حياة شبه «بدائية»!

العالم يضم اليوم ما يقرب من سبعة مليارات نسمة، في حين أن عدد الوصلات الكهربائية التي تربطنا بالأجهزة تجاوز الخمسة مليارات، ومن المتوقع قريباً أن يتجاوز عدد البشر، ما يعني أن التواصل والتفاعل مع الوصلات سيفوق أعداد البشر، وهذا يعكس مدى الاعتماد البشري على الحياة الإلكترونية.

«قرار الشيخ محمد بن راشد وضع فترة زمنية للتحوّل إلى الحكومة الذكية لا تتجاوز ثلاث سنوات، لم يأتِ من فراغ، فالعالم بعد هذه السنوات سيصبح شيئاً آخر».

وفي برشلونة حيث ينعقد حالياً المؤتمر العالمي للهواتف الذكية، وهو أضخم وأكبر مؤتمر ومعرض من نوعه، يجمع المتخصصين والشركات في هذا المجال، ويشهد حالياً حضوراً ضخماً ولافتاً، ويتوقع أن يتجاوز عدد حضوره 60 ألف شخص، يمثلون دول العالم تقريباً، في هذا المؤتمر تستعرض شركات الهواتف الذكية عضلاتها، وتستأثر بالعقول، وتجعل كل مستحيل حقيقة، وكل حلم قابلاً للتنفيذ والتحقيق، الجولة في المعرض هي في الحقيقة جولة في المستقبل المذهل، جولة في عالم الخيال العلمي الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقيق!

باختصار الإنسان سيصبح متواصلاً ومتفاعلاً ومرتبطاً فعلاً وقولاً، ليس مع بني جلدته من البشر فقط، بل مع كل شيء، وكل جهاز، الحياة ستصبح مربوطة بـ«السيم كارد»، تلك البطاقة الصغيرة جداً التي نزرعها حالياً في الهاتف الذكي، وسنزرعها مستقبلاً في كل شيء، لنتواصل مع كل شيء!

باستطاعتنا بعد ثلاث سنوات لا أكثر، أن نتواصل مع سياراتنا، فالسيارات لن تسير فقط من دون سائق، كما هي الآن سيارة «غوغل»، التي قطعت مسافة مليون كيلومتر تحت التجربة من دون سائق، ومن دون حادث واحد، بل يمكننا التواصل والتفاعل معها، بمعنى سؤالها عن حالتها، فترسل لك معلومات فورية عبر تطبيق في الهاتف الذكي عن أي عطل فيها، أو عطل متوقع خلال اليوم، تستطيع مراقبة تحركاتها كافة، من خلال معلومات وافية عن جميع رحلاتها اليومية والطرق التي سلكتها، وكذلك هي حال ثلاجة المنزل، التي يمكن سؤالها عن محتوياتها، وتجيبك، بل ترسل لك المعلومات حتى قبل السؤال: البيض على وشك الانتهاء، هناك أغذية انتهت صلاحياتها، أو بقي على موعد الانتهاء ثلاثة أيام، لا يوجد ماء، ومكونات السلطة غير كافية...!

وهذي هي الحال مع الأجهزة المنزلية كافة، وغير المنزلية، التواصل وتبادل المعلومات مع الأجهزة كافة التي نتعامل معها حالياً، جميعها ستعمل بتطبيقات هاتفية، وتخيل معي حجم المعلومات التي ستصلك يومياً من البشر والجماد والآلات المنزلية والمكتبية وغيرها، شيء لا يمكن تخيله، ولا يمكن تجاهله، بقدرما يجب علينا الاستعداد له!

خلال الجولة في المعرض الضخم، أدركت فعلاً بُعد نظر حكومتنا، وقرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التحول نحو الحكومة الذكية، والتعليم الذكي، والحياة الذكية، ليس لأنها المستقبل فقط، بل هي المستقبل القريب جداً، ومن لا يواكب هذا التطور فسيجد نفسه في عالم الغد كأنه في كهف صغير يحيط به الجهل والتخلف من كل جانب!

الإمارات التقطت بسرعة وذكاء ملامح المستقبل، وأسست له، وما تفعله «اتصالات» حالياً في مختبرات الوزارات الاتحادية، خصوصاً وزارة التربية التعليم، من تجريب حي للتعليم الذكي والمناهج الذكية، هو المستقبل بعينه، وقرار الشيخ محمد بن راشد بوضع فترة زمنية للتحول لا تتجاوز ثلاث سنوات، لم يأتِ من فراغ، فالعالم بعد هذه السنوات سيصبح شيئاً آخر، هذا ما بدا واضحاً في برشلونة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر