مزاح.. ورماح

تبـّـاً للقسمة الطويلة

أحمد حسن الزعبي

منذ الصفوف الأولى وأنا على علاقة سيئة بالحساب والرياضيات عموماً، وصلت إلى حدّ القطيعة أثناء دراستي الجامعية، ثم هجرتها تماماً عندما دخلت عالم الكتابة والحروف، بصراحة كرهت كل عمليات الحساب من جمع وطرح وضرب وقسمة، لأن كتبنا الابتدائية كانت تحتوي على صور التفاح والموز لتسهيل عملية الحساب، ونحن لم نكن نتذوق التفاح أو الموز إلا في مناسبات نادرة، كزيارة ضيف بارز أو قيام أحد أفراد العائلة بإجراء عملية «فتاق»، على سبيل المثال، لذلك كنت أعدّ عبارة «معك تفاحتان، وأعطيناك خمس تفاحات، فكم أصبح مجموع ما معك؟»، واحدة من قصص الخيال العلمي.

أول من أمس، دخل عليّ ابني «عبّود»، وبيده كتابه ودفتر التمارين و«كمشة» أقلام، يرديني أن أدربه على القسمة الطويلة عشية امتحان الرياضيات، بعد أن ضاقت أمه ذرعاً بالشرح والإفهام، ما أن لمحت غلاف الكتاب حتى ابتلعت ريقي وانحبس نفسي. قال اشرح لي القسمة الطويلة.. تقول لك أمي!».. «اكتب لي مسائل صعبة وحلّها، فامتحاننا عن قسمة الخمس خانات تقسيم رقمين»، فعرفت أنها مكيدة أخرى من مكائد النساء، فممَ تشكو قسمة الرقمين على الرقم المنفرد؟! أم هو إحراج وانتقام وحسب.

المهم وضعت رقم 44450 تقسيم 62، وبدأت أشرح للصبي كيف يقوم باختيار الرقم الأول ويقسمه على الرقمين، وإذا كان لا يجوز نأخذ رقمين ونقسمهما على الرقمين، فإذا كانا أكبر خير وبركة، وإن كانا أقل نأخذ ثلاثة أرقام ونقسمها على الرقمين، وبدأت بحل المسألة:

4 تقسيم 62؟ لا يجوز، صح؟ طيب 44 تقسيم 62؟ «كمان» لا يجوز، طيب 444 تقسيم 62؟ بمعنى الـ444 كم 62 فيها؟ قال لي ببرودة أعصاب: «شو بيعرفني؟». قلت له: بصراحة، وأنا أيضاً لا أعرف فلنجرب، تمام، دعنا نقل خمسة.. لا قليل.. ستة.. أيضاً هناك المتبقي كبير.. سبعة إذن! وضعنا السبعة، وأكملنا القسمة بعد عمليات، لا يجوز.. وباليد واحد.. وننزل الخمسة ونرفع الصفر طلعت معي النتيجة «72»، لا أعرف كيف! قلت له: الجواب «72».. دعنا نتأكد من خلال الآلة الحاسبة فهي لا تخطئ. قمنا بضرب 72 بـ62 الجواب يساوي 4464، لا شعورياً قلت بصوت مرتفع: طيب ما علاقته بالرقم 44450؟ لاحظ الصبي اختلاف النتيجة، فسحب الكتاب ودفتر التمارين من بين يدي، وأنا أبرّر له أن الآلة الحاسبة صينية، وغالباً ما تعطي نتائج مغايرة، اللعنة.. لقد خسرت ثقة الولد إلى الأبد، وأنا الذي كنت أوهمه بأنني فطحل زماني!

تباً للقسمة الطويلة! تباً للحساب! ويكفينا شرّ «جمع الكسور»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر