٥ دقائق

معاني الاتحاد والوحدة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

الاتحاد له معانٍ كثيرة، كل معنى يحتاج إلى مزيد من الوقفات التي تبين معناه، وتوضح مقتضاه ومرماه، فمن معانيه: الوحدة والولاء والوفاء والبناء والعطاء والتناصر والتآزر.. فلا يكون اتحاداً إلا بذلك، وقلَّما تجتمع هذه المعاني في اتحاد وضعي، ومن ذلك القليل النادر اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي ترسخت فيه هذه المعاني واقعاً، كما هي لغة وعرفاً.

فالوحدة التي تعيشها دولة الإمارات هي وحدة متماسكة متجانسة متمازجة كتمازج الماء في العود الأخضر، هي وحدة البناء والهدف والمصير، فلا تجد وحدة تشابكت هذا التشابك وكأن أمتها جسد واحد كوحدة هذه الأمة الإماراتية، بحيث لا تجد خلَلاً ولا زلَلاً لهذه الوحدة في قلب فرد من أهلها، وذلك ما لا يوجد له نظير في واقع الناس اليوم في العالم كله، لأنها كلها تبنى على مصالح آنية، وذلك يتناقض مع مراد الله تعالى من توحيد الأمة، فإن بنيت على مصالح فردية فسرعان ما تذهب أدراج الرياح إذا فقدت تلك المصالح، فتعود الأمة إلى الفرقة والشتات والتناحر.

ووحدة الولاء تعني أن يكون الولاء واحداً لله تعالى وشرعه القويم وولاة الأمر الذين اقترن الولاء لهم بالولاء لله سبحانه، لما في هذا الولاء من صلاح حال الأمة حاضراً ومستقبلاً، فبه تحفظ البلاد ويصان العباد، وتقوى الأمة في الحاضر والبادي، وعدم وحدة الولاء يقتضي الفساد في الأرض لتضارب الأوامر والنواهي، وذلك ما لا يقبل عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً.

ووحدة الوفاء المتبادل هي من شيم العقلاء ذوي المكارم والمروءات، فمن أعطيته الولاء لابد أن تكون وفياً له نصحاً وإخلاصاً وتوقيراً، ترعاه حاضراً وغائباً، آمراً وناهياً، لاسيما هو الذي بدأ بالبذل فسعى إلى التوحيد، وبذل المزيد عطاءً وبناءً وأمناً وتمكيناً، فمن لم يكن وفياً لم يكن متحلياً بمعاني الاتحاد،

ووحدة البناء هي مظهر من مظاهر الاتحاد، فإذا رأيت البناء في أرجاء الاتحاد يسير على نظام تام، يتكامل ويتناغم مع أجزاء الوطن، فاعلم أن الاتحاد يترسخ ويشتد عوده فلا يقبل التفرق.

ووحدة العطاء هي المعبرة عن المحبة، الجالبة للألفة، وهي معبرة عن الذاتية الواحدة، فأينما كان العطاء فهو في ذات النفس، كما كان يقول أبوجعفر المنصور مخاطباً السحاب «أمطري حيث شئت فخراجك إلي».

ووحدة التناصر هي الهدف الأسمى من الاتحاد، فلا يهاب الاتحاد ولا يحمى إلا بذلك، وإلا هان على الأعداء تمزيق الاتحاد شيئاً فشيئاً حتى يأتي على الجميع، فإذا كان التناصر قائماً صعب تفتيته

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

                            وإذا انفردن تكسرت آحادا

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر