كل يوم

تطوير عمل الجمعيات الخيرية مطلب مهم

سامي الريامي

أتحدى أن تثبت أي جمعية خيرية في الدولة أنها استطاعت أن تغير حال أسرة أو على الأقل شخص واحد من متلقي مساعدة خيرية إلى إنسان منتج، أو على أقل تقدير من إنسان محتاج إلى قادر على سد احتياجاته من دون مساعدة، لا يمكن أبداً أن يكون ذلك قد حدث، ولن تستطيع الجمعيات الخيرية، بأسلوب عملها التقليدي الذي يراوح مكانه منذ سنوات طويلة، أن تفعل ذلك يوماً!

كل ما تفعله الجمعيات الخيرية هو جمع الأموال، وتوزيعها بشكل أو بآخر على محتاجين وفقراء ومساكين وفقاً لتصنيفاتها وشروطها ومعاييرها، وبذلك سيظل المحسنون يدفعون وسيظل المحتاجون يتزايدون يوماً بعد يوم، وبأرقام كبيرة، فلا الجمعيات استطاعت أن تحل مشكلتهم، ولا استطاعت أن تطور من فكرها وعملها لخدمة المجتمع بشكل أفضل!

لن تفيد المحتاج 700 درهم يحصل عليها من جمعية خيرية بصورة شهرية، لن تفيده سوى زيارة الجمعية التعاونية ليوم واحد وينتهي بعد ذلك أمرها، وسيظل ينتظر بداية كل شهر حتى يحصل على مبلغ زهيد من الجمعيات الخيرية طوال حياته، لن يتغير في وضعه الاجتماعي شيء!

لا أعتقد أبداً أن دول العالم المتقدمة تعمل بهذه الطريقة، وعلى سبيل المثال فإن أغلب حملات التبرع والمؤسسات الخيرية في الغرب تذهب 70% من أموالها إلى مصلحة مراكز إنسانية، وبحوث علمية وطبية، ولدعم مشروعات التعليم والمشروعات التي تخدم الإنسانية بصورة حقيقية، وهناك نسبة قليلة جداً تذهب إلى مساعدة الفقراء!

«علمني الصيد ولا تعطني سمكة» مثل غائب تماماً عن فكر وثقافة العمل الخيري في الإمارات، مع أن الجمعيات الخيرية الإماراتية تصنف من أقوى الجمعيات في المنطقة وفقاً لموجوداتها ومدخولها السنوي، والإمارات عموماً واحدة من أفضل وأشهر الدول المانحة على مستوى العالم، فالمال لا ينقص هذه الجمعيات الخيرية بقدر ما ينقصها الفكر وتطويره، ويسيطر عليها العمل التقليدي الذي لا يرغب أي منها في تغييره، ودفعه إلى الأمام بشكل يواكب التطور!

لم تستفد تلك الجمعيات حتى من الأفكار المتميزة التي تنفذها المؤسسات الخيرية الحديثة التابعة لرجال أعمال وشخصيات مرموقة، مثل مؤسسة الجليلة الخيرية التي تنفذ أفكاراً متميزة جداً في دعم العمل الخيري الإماراتي بوسائل وأساليب عمل جديدة، بعيدة كل البعد عن أساليب عمل الجمعيات الخيرية غير المفيدة، كما توجد في الدولة تجربة رائعة لمؤسسة خلف الحبتور الخيرية التي يوجهها رجل الأعمال الإماراتي، خلف الحبتور، بذكاء شديد نحو دعم التعليم والتدريب، وبفضل دعم هذه المؤسسة تم إنشاء واحدة من أفضل وأرقى غرف المحاكاة التدريبية في مدينة دبي الطبية، إضافة إلى رعاية طلبة في الجامعات، وتوفير منح وكراسي دراسية داخل الدولة وخارجها.

نحتاج إلى وقفة حكومية جادة لتطوير عمل الجمعيات الخيرية في الإمارات، بشكل يجعلها فاعلة ومفيدة في المجتمع، فلقد سئمنا منظر الأكشاك والكوبونات المتشابهة في كل شيء والمنتشرة في كل مكان، وعملياً هي لا تقدم للمجتمع شيئاً مفيداً!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر