كل يوم

محمد بن راشد: يا بعدي..

سامي الريامي

سبعة مليارات نسمة سكان العالم حالياً، منهم 1.3 مليار نسمة تقريباً يعيشون من دون كهرباء، بالتأكيد سكان الإمارات ليسوا ممن حرموا الكهرباء، ولكن ذلك لا يعني أنها ستظل بالوفرة والسهولة نفسيهما لسنوات طويلة مقبلة، ما لم نبذل جميعاً جهوداً جبارة لترشيد استخدام الطاقة والمحافظة عليها.

معظمنا لا يفكر في المستقبل، ومن أجل ذلك فالاستهلاك في الإمارات عموماً، ودبي خصوصاً، عالٍ جداً في استخدام الكهرباء، لكن من حسن حظنا، أن هناك من يعمل بجد، ويبذل المال والجهد، من أجل ضمان حصول الأجيال القادمة على الطاقة والكهرباء بالسهولة والوفرة نفسيهما اللتين نحصل نحن عليهما اليوم.

دبي دشنت، أمس، المرحلة الأولى من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، وهو أحد أهم المشروعات الحيوية لإنتاج الطاقة الخضراء النظيفة في الدولة، وهو أكبر مشروع من نوعه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتدشين المرحلة الأولى هو بداية حقيقية للمراحل الأخرى التي تأتي ضمن إستراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030، والرامية إلى تحقيق التنوع في مصادر الطاقة وإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بنسبة 5% من الطاقة المتجددة في الإمارة من إجمالي احتياجات دبي من الطاقة عام 2030.

والمشروع الجديد للطاقة الشمسية، الذي تم افتتاحه أمس، وتقوم على إدارته وتشغيله هيئة كهرباء ومياه دبي، يتضمن إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 13 ميغاواط تعمل بتقنية الألواح الشمسية كأول مشروع في مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، وربطها بشبكة هيئة كهرباء ومياه دبي، باكتمال المراحل الأربع التي تبلغ كلفتها 12 مليار درهم، ستستطيع الهيئة إنتاج 1000 ميغاواط من الكهرباء.

حالياً تعتمد هيئة كهرباء ومياه دبي على إنتاج الكهرباء عبر محطات ضخمة تعمل على الديزل والغاز والفحم الحجري، ولا نشعر جميعاً بأي نقص في إمدادات الكهرباء لتوافر هذه المصادر بشكل كافٍ حالياً، لكننا لا نعرف ما الذي يمكن أن يحدث مستقبلاً، ولا ينبغي ألا نخطط للأجيال المقبلة مادمنا نملك هذا الخيار الآن، وتالياً فإن مصادر الطاقة المتجددة هي المستقبل الذي يضمن ديمومة إنتاج الطاقة، والطاقة الشمسية هي أهم مصادر الطاقة المتجددة، فالشمس التي يبلغ عمرها حالياً 4.5 مليارات سنة، ستظل مصدراً مستداماً للطاقة الخضراء النظيفة، والرهان عليها لاشك في كونه رهاناً رابحاً للغاية.

عند خروج صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من مكان الاحتفال بتدشين المشروع، أمس، حضنته طفلتان صغيرتان، بادلهما سموّه الحب والابتسامة، وحضنهما بأبويه جياشة وهو يقول: «يا بعدي والله».. الطفلتان لن تفهما هذه الكلمة الآن، لكنهما ستدركان معناها عندما تجلسان مع أبنائهما وأحفادهما بعد سنوات طويلة.. «يا بعدي» هنا ليست بمعناها الحرفي بقدر ما تعني أن مستقبلهما، ومستقبل الجيل المقبل بأسره، هو ما دفع محمد بن راشد لإنشاء مجمع للطاقة الشمسية في بقعة بعيدة جداً من صحراء دبي!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر