مزاح.. ورماح

«سيكيلوجيا» الخراف

أحمد حسن الزعبي

في كل عيد يُؤتى بالحواجز الحديدية والقواطع المعدنية نفسها، لتنصب فوق الأرصفة والساحات العامة، تفتح بواباتها المؤقتة للخراف المكتظة ثم تغلق أيضاً بطريقة بدائية غير محكمة، في انتظار الزبائن:

وفي كل عيد أراقب تصرفات الخراف مع هذا «الدحش» «والحشر» السنوي، متابعاً عن كثب تصرفاتها؛ ما إذا كانت قد غيّرت من سلوكها المتوارث منذ 1000 عام أم لا، وما إذا حسّنت من طريقة دفاعها عن نفسها أو طوّرت من تفكيرها في الهروب من الزبون، أو سكّين الجزّار أم لا.. لأجدها مازالت (تتحلى بروح الانقياد نفسها، وتمتطيها الطباع الانهزامية نفسها) وهذه أولى سلبيات سيكيلوجيا الخراف، فما أن يوقف أحدهم سيارته ويقترب من «الزريبة» حتى تجد الخراف بدأت «تعاقط» وتتقارب من بعضها بعضاً، هذا يخبّئ رأسه بقفا الآخر، والثاني يخفي عينيه بصوف الثالث، ورابع يواري نصفه خلف ظهر الكبش الأسمن، كل منها يحاول أن يدفع بزميله الآخر إلى المواجهة مع المشتري ليواري نفسه عن الأنظار وليبتعد عن أوصاف الإعجاب، بينما لم يفكّر أي منها بالقفز عن الحاجز الضعيف الذي يفصل بينه وبينه الهروب إلى الحياة.. وهذه ثاني سلبية في سيكيلوجيا الخراف (الدفع بالشقيق إلى الموت بدلاً من التفكير بالنجاة معاً).. يأتي الزبون، يساوم المالك، فتبدأ الإشارة ويبدأ العرض ثم يبدأ التفاوض، يتجرأ الزبون المحتمل أكثر من الخروف الأجمل.. يمسك قفاه، يتفحّص ظهره بكل جرأه، ثم يفلته فيولد من جديد، ثم يأتي زبون آخر ليمارس معه الأفعال نفسها، ولسان حال الخروف يقول: «أن يُحسس عليّ أحدهم خير من أن يذبحني» وهذه ثالث سلبية في سيكيلوجيا الخراف (التضحية بالكرامة في سبيل العيش).

 

على المذبح: وبعد أن يتدّفق دمه الغزير الساخن تبدأ رجلاه بالرفس الشديد، وجسده بالتقلص والتحرّك بشدة.. وهذه رابع سلبية في «سيكيولوجيا»الخراف (إذا لم تستخدم رجليك في الهرب وأنت حي.. فلماذا تستخدمها وأنت «تذبح»)! أخيراً عندما يفصل الرأس عن الجسد تبقى عينا الخروف مفتوحتين على الدهشة وعلى أدوات السلخ والتقطيع، وهذه خامس سلبية في سيكولوجيا الخراف (العين مبصرة على الحدث.. والإرادة أضعف من إيقافه).

 

الخلاصة: السيكولوجيا العربية لا تبتعد كثيراً عن سلبيات السيكولوجيا السابقة.

 

خلاصة الخلاصة: تبقى العين العربية مبصرة على الحدث.. لكن الإرادة اضعف من إيقافه!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر