كل يوم

دبي بحاجة إلى مؤسسة عقارية ضخمة..

سامي الريامي

أحترم كثيراً رئيس لجنة فض المنازعات الإيجارية في دبي، سعيد محمد الكندي، فهو رئيس سابق للمجلس الوطني، وهو من أعيان دبي، كذلك أحترم جميع أعضاء لجنة الإيجارات، وأعتقد أنهم أدوا دوراً وجهداً مقبولين خلال السنوات السابقة.

وبعيداً عن أعضاء اللجنة ورئيسها، حتى لا تؤخذ الأمور بحساسية ويحاول البعض شخصنتها، لابد من الاعتراف بأن اللجنة لم تعد تستطيع مجاراة ومواكبة حجم التطور العقاري الهائل في إمارة دبي، فهي بحجمها وعدد أعضائها وأسلوب عملها كانت صالحة ومقبولة في فترة الثمانينات وربما التسعينات، عندما كانت المدينة في بداية نشاطها العقاري، ولم تولد بعد الطفرة العقارية، ولم تمتلئ الدنيا أبراجاً ومدناً ضخمة وكثيفة!

لكنها الآن بحاجة إلى إعادة نظر، فليس من المقبول في إمارة متطورة مثل دبي أن تظل بعض القضايا العقارية معلقة لمدة عام كامل، وذلك لافتقار اللجنة إلى آلية سلسة لحل وفض المنازعات الإيجارية، إضافة إلى اعتمادها الكلي وبشكل لاحظه الجميع على عدد قليل جداً من الأشخاص لاتخاذ القرارات، وبغياب هؤلاء الأشخاص يغيب اتخاذ القرار، ويتأخر شهوراً عدة تصل إلى عام وأكثر في بعض الحالات، وهذا له تأثيره السلبي جداً في المؤجرين والمستأجرين والسوق العقارية بشكل عام!

ليس هذا فحسب، بل باتساع حجم السوق العقارية في دبي، ووصولها إلى مستوى تعجز اللجنة عن مواكبته، أصبحت هناك قرارات متناقضة جداً في عمل اللجنة، وفي الحلول التي تقدمها، فالحكم في قضية لمصلحة مستأجر في منطقة ما، يختلف تماماً وعلى النقيض في قضية مشابهة في منطقة أخرى، وفي ذلك اعتبارات كثيرة يعرفها كثيرون!

دبي مدينة المؤسسات، ومدينة متطورة للغاية تقنياً وإلكترونياً وعقارياً وحضارياً، وعليها تقع أعين المستثمرين، ومنها انطلقت الحياة مجدداً إلى الوضع العقاري الذي شارف على الموت، قبل مدن العالم الأخرى، لذلك لابد من تنظيم سوق العقار، التي تعتبر رافداً اقتصادياً حيوياً ومهماً، بشكل متطور يواكب الطفرة والأعداد الهائلة من المؤجرين والمستأجرين، وهذا لن يكون إلا عبر مأسسة هذا العقار.

لابد من خلق مؤسسة عقارية ضخمة فيها مختصون وقانونيون مختصون بقضايا العقار، وقانونيون عامون، وإداريون محترفون يديرون شؤون العقار في المدينة، ولابد أن تكون المحكمة العقارية جزءاً من هذه المؤسسة بشكل أو بآخر، ليس شرطاً أن تتبعها إدارياً، لكن المهم أن تكون العملية منظمة بشكل سهل وميسر.

لدينا مؤسسة للتنظيم العقاري، هذا صحيح، وربما نجحت في إيجاد قوانين تنظيمية في القطاع، إلا أنها لم تستطع القيام بدور فاعل في حل قضايا ومشكلات العقار، ولذلك فالأولى اليوم إنشاء مؤسسة عقارية واحدة ضخمة ومتطورة بدلاً من توزيع صلاحيات الشأن العقاري على أربع جهات متفرقة تقوم كل منها بجزء بسيط، ولم تستطع كلها مجتمعة تنظيم القطاع وحل مشكلاته، ما كان يترتب عليه تدخل الحكومة بشكل مباشر في وضع قوانين فورية لضبط الإيجارات، أو تشكيل لجان لحل مشكلات عقارية معينة، أو الخروج بحلول مؤقتة في بعض المشكلات الأخرى.

المؤسسة العقارية المطلوبة، ليست رفاهية تكميلية، بل هي ضرورة يحتم وجودها ضخامة القطاع العقاري في دبي، فلا أحد يتمنى عودة الأوضاع السابقة المؤلمة، وضمان عدم رجوع تلك الأوضاع هو إنشاء جهة تدرس وتحلل، وتعيد التنظيم، وتضع قوانين جديدة تكافح بها المظاهرالسلبية السابقة كلها، كما لا يمكن إغفال حقيقة موجودة، هي استمرار بعض المشكلات الكبيرة حالياً، جراء توقف بعض الشركات عن إكمال مشروعاتها، وتضرر شريحة كبيرة من المستثمرين، فما الجهة الحالية التي تستطيع إرجاع حقوقهم؟!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


 

 
 

تويتر