مزاح.. ورماح

المدجّجون

أحمد حسن الزعبي

بعد شهرين من السكينة العائلية، والصحو المتأخر المغمّس بالنوم الهادئ، رجعنا إلى الكركبة المدرسية الصباحية ذاتها؛ الشعور المنكوشة، والخشوم المنفوشة، والأمزجة المقلوبة.. والبحث المضني عن فردة الجوارب تحت وسادتي، وعن الكتاب العربي في الثلاجة، وعن المصروف في جميع مواقعي الحساسة.. حيث يقوم المفتّشون «الدوريون» بنبش حافظاتي وجيوبي ومخابئي السرية بحثاً عن «تكملة المصروف».

أما الحمامات فهذه حكاية بحدّ ذاتها مما تشهده من تسابق وازدحام واعتصام ومحاولات اقتحام صباحية فاشلة، ما اضطرني إلى شراء «ماكنة إلكترونية» لتنظيم الدور، كل من أراد أن يدخل الحمام ما عليه سوى أن يقطع ورقة وينتظر دوره حتى يطلبه جهاز المناداة الآلي، ذاكراً الرقم والحمام الشاغر كالتالي: الرقم ستمائة وخمسة وعشرون حمام رقم ثلاثة، وبعد ثوانٍ.. ستمائة وستة وعشرون حمام رقم واحد... وهكذا.

صباح أمس راقبت ابني الأصغر وهو يحضّر حقيبته، 10 دفاتر 32 صفحة، سبعة دفاتر 64، 12 كتاباً، دزينة أقلام، ثلاث برايات، وأربع محايات، علبة ألوان، علبة عصير، سندويشتان، وقارورة ماء، وحبة بسكويت. سألته: أنت متأكد أنك ذاهب إلى المدرسة وليس إلى مناورات «الأسد المتأهب»! نظر إليّ بحنق ووجهه يقطر غضباً، وما إن سمع زامور باص مرّ بالصدفة من باب البيت حتى تخبأ في الخزانة، لتبدأ جولة جديدة من جولات الترهيب والترغيب، والإغراءات، وبعد أن أحسست بالفشل، قمت باستخدام العقوبات الاقتصادية، وعندما لم يُجدِ معه «الحصار الاقتصادي» وحضرت الحافلة وبدأ «التزمير» الفعلي يرتفع، وجهّت إليه بعض الضربات العقابية المحدودة.

لا أبالغ إن قلت إن الساعة الممتدة ما بين  السادسة والنصف والسابعة والنصف صباحاً هي بروفة مصغّرة لقيام الساعة، فما إن يقترب موعد الجرس ويدنو وقت الطابور الصباحي، حتى يدب الهلع والرعب في قلوب العائلة، المرضعة ترمي جانباً ما أرضعت، ويغرس الولد سندويشته في الكنبة قبل أن يمضي الباص ويتركه، فكل ولد من الأولاد في هذه الساعة يصرخ نفسي نفسي.



***



أخيراً، يا ريت بعد كل هذا التعب وهذا القلق اليومي يأتينا في نهاية السنة.. و«كتابه بيمينه»!!

 ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
 

تويتر