كل‭ ‬يوم

زعيم‭ ‬الإنسانية

سامي الريامي

«‬زايد‭ ‬كان‭ ‬زعيماً‭ ‬للإنسانية،‭ ‬ولم‭ ‬أرَ‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬مثله‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬القليلة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كلماتها،‭ ‬والكبيرة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬معناها،‭ ‬والتي‭ ‬قالها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم،‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬فعاليات‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬الإماراتي‮»‬،‭ ‬تخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد،‭ ‬هي‭ ‬أبلغ‭ ‬اختصار‭ ‬لوصف‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬الزعيم‭ ‬الإنسان،‭ ‬الذي‭ ‬فارق‭ ‬العالم‭ ‬جسداً،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يفارقه‭ ‬عملاً‭ ‬وخيراً،‭ ‬فخيره‭ ‬سيظل‭ ‬موجوداً‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬يبعثون‭.‬
لن‭ ‬يستطيع‭ ‬بشر‭ ‬أن‭ ‬يحصي‭ ‬خير‭ ‬زايد،‭ ‬مهما‭ ‬استخدم‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬حصر‭ ‬وقياس،‭ ‬فهل‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬أعداد‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬وجدوا‭ ‬العلاج‭ ‬والشفاء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المستشفيات‭ ‬التي‭ ‬شيدها‭ ‬زايد‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬كافة،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬أصغر‭ ‬أو‭ ‬أفقر‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬ومجاهل‭ ‬إفريقيا؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬العقل‭ ‬أعدادهم‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬إنشاء‭ ‬تلك‭ ‬المستشفيات،‭ ‬وإلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا؟
وهل‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬أعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬درسوا‭ ‬وتخرجوا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬زايد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬أيضاً؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬عقل‭ ‬بشر‭ ‬فضل‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين،‭ ‬وكيف‭ ‬أسهم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وخدمة‭ ‬شعوبهم‭ ‬ومجتمعاتهم‭ ‬وبلدانهم؟
هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحصر‭ ‬بشر‭ ‬فضله‭ ‬وخيره‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬المساكين‭ ‬والمحتاجين،‭ ‬والمساعدات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقدمها‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً،‭ ‬وشمالاً‭ ‬وجنوباً،‭ ‬دون‭ ‬تفريق‭ ‬بين‭ ‬أبيض‭ ‬أو‭ ‬أسود،‭ ‬ولا‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬أعجمي،‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬مذهب‭ ‬أو‭ ‬ديانة؟‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬ذلك‭ ‬الخير،‭ ‬فهو‭ ‬نهر‭ ‬متدفق،‭ ‬سيظل‭ ‬يروي‭ ‬المحتاجين‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين،‭ ‬ففعل‭ ‬زايد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مؤقتاً،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بوقت‭ ‬أو‭ ‬مناسبة،‭ ‬كان‭ ‬فعله‭ - ‬غفر‭ ‬الله‭ ‬له‭ - ‬كله‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬باب‭ ‬الصدقات‭ ‬الجارية‭ ‬التي‭ ‬يظل‭ ‬أثرها‭ ‬ما‭ ‬ظلت‭ ‬البشرية‭.‬
كان‭ ‬زعيماً‭ ‬للإنسانية،‭ ‬وكان‭ ‬إنساناً‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬زعيماً،‭ ‬عشقه‭ ‬العالم‭ ‬تماماً‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬عشقه‭ ‬شعبه،‭ ‬فخيره‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬بل‭ ‬شمل‭ ‬العالم‭ ‬بقاراته‭ ‬المختلفة،‭ ‬عطفه‭ ‬وحبه‭ ‬وفضله‭ ‬وأخلاقه‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الأصيلة‭ ‬شملت‭ ‬الجميع،‭ ‬ولذلك‭ ‬فذكراه‭ ‬لن‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أبداً‭.‬
ملايين‭ ‬البشر‭ ‬سيظلون‭ ‬يتلقون‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬زايد،‭ ‬والملايين‭ ‬أيضاً‭ ‬سيتعلمون‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬زايد،‭ ‬وملايين‭ ‬غيرهم‭ ‬سيظلون‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬أوقاف‭ ‬زايد،‭ ‬لأن‭ ‬زايد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يوماً‭ ‬عاشقاً‭ ‬للكلام‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعشق‭ ‬العمل،‭ ‬ويعشق‭ ‬نشر‭ ‬الخير،‭ ‬والتاريخ‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬مثل‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬أبداً‭.‬
وستستمر‭ ‬مسيرة‭ ‬العطاء‭ ‬التي‭ ‬غرس‭ ‬بذرها‭ ‬زايد،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الإمارات‭ ‬جميعها،‭ ‬صغيرها‭ ‬وكبيرها،‭ ‬تحتفل‭ ‬اليوم‭ ‬بيوم‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬الإماراتي،‭ ‬تخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬زايد،‭ ‬وتكريساً‭ ‬لنهج‭ ‬الخير‭ ‬الذي‭ ‬مشى‭ ‬فيه‭ ‬طوال‭ ‬سنين‭ ‬حياته،‭ ‬فزايد‭ ‬الإنسان‭ ‬وضع‭ ‬أساس‭ ‬ونهج‭ ‬دولة‭ ‬كاملة،‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬دروب‭ ‬الخير‭ ‬والإنسانية،‭ ‬والدولة‭ ‬اليوم‭ ‬ترد‭ ‬الجميل‭ ‬بمواصلة‭ ‬نهج‭ ‬العطاء،‭ ‬تخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬عطرة،‭ ‬واحتفاء‭ ‬بزعيم‭ ‬العطاء‭ ‬والإنسانية‭. ‬يوم‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬الإماراتي،‭ ‬مناسبة‭ ‬جيدة‭ ‬لتكريس‭ ‬مفهوم‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬ونشره‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفرصة‭ ‬جيدة‭ ‬لتعليم‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬وتذكيره‭ ‬بما‭ ‬قدمه‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان،‭ ‬وبما‭ ‬تقدمه‭ ‬الدولة‭ ‬اليوم‭ ‬بقيادة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد،‭ ‬وبما‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬فعله‭ ‬لرفع‭ ‬اسم‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬عالياً‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬فالدول‭ ‬الأخرى‭ ‬حين‭ ‬تتفاخر‭ ‬بجيوشها‭ ‬وصواريخها،‭ ‬يكفينا‭ ‬فخراً‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بإنسانيتنا،‭ ‬وإنسانية‭ ‬قادتنا‭ ‬وعطائهم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أي‭ ‬حدود‭.‬

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


 

تويتر