كل يوم

قملة مقصوعة!

سامي الريامي

لا أعرف بالضبط ماذا يدور في هيئة المعاشات، ومن المسؤول عن تسيير الأعمال فيها، لكن ما أعرفه أنها هيئة مهمة جداً تحتاج إلى إعادة نظر وإصلاح إداري جذري!

ولا أعرف أيضاً ما منصب السيدة أسماء الزعابي في الهيئة، ولا يهمني أن أعرف، لكن ما أعرفه حق المعرفة، أن إهانة صحافي لأنه يمارس عمله ذنب يعادل إهانة أي موظف عام أو ضابط شرطة أثناء تأدية واجباته الوظيفية، ليس ذلك دفاعاً عن الصحافي في الحق والباطل، لكن لأن هناك إجراءات وطرقاً لمحاسبة الصحافي، إن أخطأ، ليس من ضمنها السب والشتيمة والإهانة والتحقير الشخصي له وللصحيفة التي يعمل فيها، من قبل المسؤول، مهما كان منصبه!

المدير المتسلط الذي يكيل الكلمات غير اللائقة، بأسلوب الصراخ العقيم، على موظفيه ومراجعيه، لم يعد له وجود في أجهزة حكومة دولة الإمارات، فمفهوم السلطة هنا قد تغير بشكل جذري، فهي سلطة لخدمة الناس لا سلطة عليهم، هكذا قال رئيس الحكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهكذا يعمل الوزراء ومعظم المسؤولين في الدولة، ولأجل ذلك حققت الإمارات ما لم تحققه دولة أخرى، بتصدرها العالم في كفاءة الأجهزة الحكومية..

ومن أجل ذلك فمن المستهجن أن نجد عينات قليلة جداً، لاتزال تعيش وهم المنصب، وتعتقد أنه غطاء قانوني لتعنيف الناس وإهانتهم، ولاتزال تعتقد أن الصراخ والكلمات غير اللائقة دليل على القوة والجبروت والسلطة المطلقة، مع أنها في الحقيقة لا تعكس سوى ضعف حقيقي، لا أعتقد أنه سيدوم طويلاً في حكومة لا تقبل سوى المركز الأول، لاسيما في تقديم الخدمة إلى الناس والتسهيل عليهم، وقبل ذلك احترامهم وتقديرهم.

من الصادم حقاً أن نجد مسؤولاً، أو بالأحرى «مسؤولة»، في جهاز حكومي مهم جداً، وعلى صلة مباشرة مع فئة من المواطنين والمواطنات، لا تستطيع التحكم في أعصابها، ولا تعرف أهمية اختيار الكلمات اللائقة، والأكثر من ذلك أنها تنتهج نهجاً غير مسبوق في ازدراء مهنة الصحافة والصحف العاملة في الدولة!

«لا تكلمني انته إلا صحافي.. تعرف شو يعني صحافي»، «انته شخص تشتغل في جريدة.. تعرف شو يعني جريدة»، «انت مثل القملة المقصوعة»، هذه عينات قليلة من كلمات صدرت عن السيدة أسماء الزعابي، المسؤولة في مؤسسة خدمية، فإن كان مستوى التعامل مع الصحافة والصحافيين الذين لا يحتاجون إليها في شيء وصل إلى هذا الحد من الاستهزاء والإهانة، فكيف يكون مستوى تعاملها مع المتقاعدين من المواطنين أصحاب الحاجة!

لا نحتاج إلى تذكير هذه المسؤولة وغيرها بأهمية الصحافة في أي مجتمع، لكنها تحتاج إلى تذكيرها بأنه لا توجد مهنة حكومية أو شبه حكومية في الإمارات تستحق الإهانة أو النظرة الدونية، وتحتاج أيضاً إلى تذكيرها بأمر الشيخ محمد بن راشد، حين قال خلال لقائه بوسائل الإعلام الأجنبية والمحلية «أعطيت توجيهات صريحة وواضحة لجميع المسؤولين على مستوى الحكومة الاتحادية، وكذلك حكومة دبي، بضرورة تعزيز جسور التواصل البنّاء، والتعاون الإيجابي، مع مختلف الجهات الإعلامية، إقراراً لمبدأ الشفافية الكاملة، وحرصاً على إطلاع الناس على التطورات ضمن مختلف القطاعات أولاً بأول»، مؤكداً سموه أنه «لا يوجد لدينا ما نخفيه عن الصحافة»، ترى هل وصلت هذه التوجيهات إلى مثل هذه المسؤولة؟

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر