مزاح.. ورماح

كيف تكسبين قلب زوجك؟

أحمد حسن الزعبي

الحب مثل بطاقات الهاتف المدفوعة مقدماً، «الرصيد» الذي يتم تعبئته أثناء الخطوبة، ينفد بعد سنة أو سنتين من الزواج، حسب الاستعمال طبعاً، وحسب فئة الشحن، ولعلّ النكد اليومي هو بمثابة «البيييب»، التي يسمعها المشترك عندما يشارف رصيده على الانتهاء، لذا يجب أن يسارع أحد الزوجين «الزوجة على الأغلب» إلى محاولة تعبئة الرصيد العاطفي قبل أن تنفصل الخدمة نهائياً بين الطرفين أو يلغى الاشتراك.

ولأن الرجل الشرقي صعب بطبيعته متقلب في مزاجه اليومي، فلم تترك إحداهن وسيلة إلا واتبعتها علها تظفر بابتسامة من هنا أو غزل رفيع من هناك، أو كلمة إطراء على أقل تقدير من دون جدوى.

بدأت الخطة على مراحل عدة: في اليوم الأول، استيقظت منذ الصباح الباكر ووضعت له وردة يانعة في كوب من الماء البارد قرب سريره، والسيناريو المرسوم في مخيّلتها أن -سبع البرمبة- إذا فتح عينيه ورأى الوردة الحمراء الفوّاحة تشرق فوق رأسه سيقول لها «الله.. ما أجملك.. لقد صنعت لي يومي يا حبيبتي»، لكن صاحبنا ظل يتقلّب على جنبيه مرّات عدة، ثم استيقظ عطشان ملهوفاً متأخراً على دوامه، رفع رأسه مفزوعاً، وجد الوردة في الكوب، رمى الوردة وشرب الكوب البارد، وحمد الله الذي جعل من الماء «كل شيء حي»، ثم وضع المنشفة على كتفه ودخل الحمام.

عند المساء: لبست (الزوجة الحزينة) فستاناً جديداً، وغيّرت تسريحة شعرها، وعندما وجدته مندمجاً بـ«الآي فون»، قالت له: كيف حلو الفستان؟ رفع رأسه قليلاً، وقال لها: العمر ما بيتخبّا! ثم عاد «للتشاتنج»، ورجعت هي تجرّ أذيال الخيبة والفشل.

في آخر الليل أضاءت شمعتين في غرفة الجلوس وصنعت فنجانين من القهوة، وظلت تنتظر زوجها العائد من السهرة، دخل البيت لم ير سوى ضوء خافت، سألها: خير «الكهرباء مقطوعة شي؟»، قالت بصوت خافت: لا، بس حبيت أغيّر جوك، رمى المفاتيح على الطاولة، ثم تأفف قائلاً: طفي الشمع وشغلي الضو، لا يصير فينا زي دار أبومحمود يوم «احترقت» دارهم من شمعة! فنفّذت طلبه وهي مطيعة.

المسكينة، لم تترك طريقة إلا وجربتها، تارة مطيعة، وتارة عنيدة، تارة نكدة وتارة لطيفة، رومانسية أحياناً، وقاسية أحياناً أخرى، ومع ذلك لم تحصل على كلمة حلوة واحدة، أخيراً لجأت لـ«غوغل»، كتبت في البحث: كيف تكسبين قلب زوجك؟ قرأت كل الحلول وتجنّبت الذي جربته سابقاً، لفت انتباهها حل واحد لم تجرّبه: يقول: «عزيزتي.. إذا أردت أن تظفري بلمسة حنان أو كلمة غزل أو حضن دافئ، فقط ، حاولي أن تمرري يدك قليلاً على وجه زوجك (صفعة خفيفة جداً)، أثناء انشغاله عنك بمشاهدة التلفزيون، أو الكمبيوتر، أو هاتفه النقال، وسترين أنه سيبادرك بمحبة جارفة».

أُعجبت الزوجة بالفكرة، وأثناء انهماك زوجها بمتابعة مباراة تاريخية بين برشلونة وريال مدريد، وانفعالاته المبالغ فيها، وحبه الجارف لحركات ميسي، اقتربت منه الزوجة مررت يدها على وجه زوجها بشيء يشبه الصفعة البسيطة، فكانت النتيجة:

كسر بالفكّ الأسفل، فقدان أربع أسنان أمامية، نزيف في الأنف، جرح قطعي بالجبين، كسر في الفقرة الخامسة، تجبير اليد اليمنى، تفتّت بالطحال...

وعندما بدأت تصحو من التخدير، وغباش الأجسام والوجوه تطوف حول سريرها في المستشفى

سمعت صوت زوجها يقول لها:

يعني ما أجيتي تمزحي معي إلا في مباراة البرشا.. يا حبيبتي

قفزت الزوجة من مكانها، رغم الكسور والأربطة و«البنج» قائلة: «يا ثلااام» أخيراً «ثمعته» قال حبيبتي.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر