مزاح.. ورماح

مطربون للتصدير

أحمد حسن الزعبي

يوتيوبياً: كان عدد المشاهدين لدموع نانسي عجرم في برنامج عرب آيدول، أكثر بأضعاف المرات لمشاهدي مجزرة ريف دمشق الأخيرة، التي حدثت في التوقيت نفسه تقريباً، ما يعني أن خروج متسابق من برنامج غنائي أصعب بكثير عند الجمهور العربي من خروج الروح من جسد مثخن بالجراح والتنكيل.

ولكي لا أُتّهم بالسوداوية، من قبل محبي الحياة والفرفشة، سأتجاوز عن فكرة عدد المشاهدات ونسب التعاطف، والمقارنة بين حدثين جللين، وأركّز على فكرة المقالة الأصلية، هل حقاً نحن بحاجة إلى هذا الكم الهائل من المطربين الذين تنتجهم الدول العربية سنوياً؟ وهل نحن بحاجة إلى هذا الكمّ الهائل من البرامج الغنائية والغنج الإعلامي الذي يقطر من شاشات الفضائيات؟ في كل دولة على الأقل هناك برنامج مسابقات لتخريج مطربين جدد، ناهيك عن برامج المواهب الصاعدة، والقافزين من «الصناعيات» إلى استوديوهات التسجيل بخامات صوتية شبيهة بمحرّك ''isuzo'' موديل ‬86. يفرضون علينا أغانيهم، من خلال محطات الـ FM المنتشرة أكثر من فيروس الرشح في الجو، شئت أم أبيت عليك أن تسمعها كلما سوّلت لك نفسك أن تدير قرص الراديو، أو تضغط على مؤشر البحث،

ثم من قال لهم إننا شعب طروب إلى هذه الدرجة، وعندنا نقص شديد بزمرة الغناء «أووف» سالب مثلاً؟ من قال إننا بحاجة إلى هذا الكم الكبير من أسطوانات التأوه والتوجّع والهجران والنكران والانفصال والانفصام والانفساخ والخيانة والتوحّش، التي تنتج سنوياً من دون حسيب أو رقيب. لم يبق مطرب «أعراس» أو «مواويلجي» في الحي، إلا وسارع إلى إنتاج ألبومات خاصة به، طبعاً الكلمات «على قفا من يشيل»، واللحن جله مسروق من التراث، مع أن معظمهم لو خضعوا لفحص الأحبال الصوتية لرسبوا من أول «يا عين يا ليل»، الآن بإمكانكم أن تكتبوا على محرك البحث «غوغل» كلمة «الروح»، لتجدوا الأغاني التالية في انتظاركم: حبيب الروح، حبيس الروح، روح الروح، عيون الروح، شريك الروح، خفيف الروح... إلخ. ثم إذا وضعتم كلمة ثانية، ولتكن «حبيبي»، لوجدتم: أنت حبيبي، حبيبي أنت، عيون حبيبي، صوت حبيبي، كلمة حبيبي، خدني حبيبي، شبشب حبيبي، هذا التزاحم اللغوي على الكلمة نفسها، إنما هو مؤشر إلى غزارة الإنتاج في الأغاني، بحيث لم يبق مصطلح عاطفي إلا واستخدم عشرات المرات في الطرب العربي، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه من إسراف في «جرد الصوت»، ستكون لدينا أزمة حقيقية في إيجاد «مستمعين» لكل هؤلاء. ❊ أخشى أن يصبح شعار المرحلة المقبلة.. عزيزي المطرب إذا أردت أن تنتج أغنية جديدة ما عليك سوى إحضار «سبونسر» ومستمع!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر