كل يوم

حملات التوعية والتثقيف.. لن تفيد!!

سامي الريامي

لن تجدي حملات التوعية والتثقيف في ترشيد استهلاك المياه، مع وجود مزارعين آسيويين في كل منزل يفتحون أنابيب المياه ليل نهار لسقي الورود والزراعة، ثم غسل السيارات، والشارع العام المار أمام المنزل، فكيف يمكن أن يدرك هذا المزارع البسيط أن زراعة البيت بمجملها، مع قيمة المبنى والسيارات التي يغسلها، لا تعادل أهميتهما قطرات من الماء المهدر؟!

وكيف يمكن إقناع كثير من المواطنين بإعادة التعامل مع المياه على اعتبار أنها ثروة قابلة للنفاد والفقد في أي وقت، وهم كانوا يحصلون عليها لسنوات طويلة مجاناً، ومازال بعضهم لا يدفع قيمتها إلى اليوم، والبعض الآخر يحصل عليها بسعر رمزي، هو أرخص بكثير من قيمتها الحقيقية، وتالياً فلا عجب من أن يغسل أي منا أسنانه يومياً بكمية مياه تكفي لري خمسة منازل في بعض الدول الإفريقية!

وكيف يمكن إقناع أكثر من ‬200 جنسية بثقافاتها المختلفة، باستخدام الماء بشكل أمثل، بعد أن اكتشفوا أن وصول الماء من دون انقطاع، ومن دون ضوابط بيئية، لمنازلهم وشققهم أسهل من قراءة الصحيفة في أي مدينة في العالم؟!

بالتأكيد لن تستفيد الجهات المعنية من حملات الترشيد التي تقوم بها، بقدر ما ستضيف خسارة جديدة، هي الصرف على الإعلانات، وطباعة المطويات والبروشورات التي ستكبد البيئة خسائر ورقية أخرى، فالاعتماد على قناعة المستهلكين وأمزجتهم في وقف استنزاف الماء لن يفيد، مادامت كلفة الهدر أرخص بكثير من كلفة الحصول على الماء!

شخصياً كنت ضد رفع قيمة فاتورة الماء منذ سنوات عدة، لكني اليوم وبعد وصول كميات الاستهلاك إلى أرقام مخيفة، وتداعيات الزلازل على مفاعل بوشهر النووي الإيراني، الذي يهدد بتدمير الحياة البحرية في الخليج، ووقف عمل محطات التحلية التي نعتمد عليها في الحصول على الماء، كل ذلك يجعلنا نعيد التفكير مئات المرات في كيفية الحفاظ على وجودنا، وكيفية الحفاظ على الأمن المائي، وضمان البدائل اللازمة، وقبل ذلك إيقاف الهدر الحالي، ومكافحة استنزاف الماء بممارسات أفراد المجتمع الخاطئة.

بداية لابد من إيقاف توصيل المياه مجاناً للجميع، فمن يحصل على شيء من دون مقابل، لن يفكر في المحافظة عليه، وأخص بالذكر عدداً من الشركات الوطنية الكبيرة التي تقدم هذه الخدمة لمديريها المواطنين والأجانب، والنتيجة أنهم يسافرون لأسابيع عدة من دون أن يفكروا في إطفاء مصابيح ومكيفات منازلهم، ويستبدلون ماء حوض السباحة بشكل أسبوعي، ولا يغلقون صنابير المياه من الحديقة، لدرجة أن فاتورة كل منهم الشهرية تزيد على ‬20 ألف درهم، وهذه ليست توقعات بل حقيقة!

كما أن إعادة النظر في الفواتير الشهرية أمر ضروري، فيجب تشجيع الناس على الترشيد بحوافز تمنح للمحافظين منهم، ومبالغ إضافية تفرض على من يتجاوز الحدود المعقولة، وهنا يجب التشديد قدر الإمكان، فورود المنزل وزراعتها ليست أهم من حياة أطفالنا ومستقبلهم!

نحتاج إلى قوانين وضوابط وسياسات لفرض ترشيد استخدام المياه بشكل أكبر بكثير من مجرد حملات تثقيف وتوعية، فالحملات نتائجها ستتضح بعد ‬10 سنوات على الأقل، في حين أن فرض القوانين يتناسب أكثر مع سرعة تلبية واستجابة أفراد المجتمع!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر