مزاح .. ورماح

«فليعبدوا رب هذا البيت»!

عبدالله الشويخ

كلما سافرتَ إلى بلد لذوي الدماء الحارة من أشقائنا، حفظهم الله، استقبلَك ذلك المقهى المتعب، وفيه رجال يبدو عليهم هَمُّ المستقبل وهمَّ الثورات، يبشون ويهشون حين يعلمون من أين أتيت، ويطالبونك على خجل بأن تبحث لهم عن فرصة وظيفية وعن «كفيل»، وهو أمر أصبح طبيعياً كما كان في سنة الحياة أن يبحث الناس أينما كانوا عن المكان الذي يرون أن لهم فيه أمناً ورزقاً، تحاول أنت بدورك تغيير الموضوع وتخبرهم بصدق بأنك «روحك تدور على كفيل جديد!».

زرت بعض تلك الدول بعد المصائب التي مرت بها، وكان هناك دائماً ذلك الموقف الذي لم أفهم معناه إلى اليوم، في الدولة الأولى جلست في مقهى غريب يمضغ الناس فيه أموراً أغرب، سألني أحدهم عن أكبر مصيبة لدينا في الإمارات، فقلت لهم إن موضوع «الدايت والريجيم» مصيبة حقيقية، فالمرء لا يعرف كيف يتخلص من هذه الكيلوغرامات الإضافية في الأرداف، جربنا حمية «أتكنز» والركض حول البحيرة، وقص ولصق وتدبيس وربط المعدة بلا فائدة. نظر إلي رواد المقهى تلك النظرة، وقالوا لي إنهم يواجهون المشكلة نفسها، فنصف سكان بلدهم على وشك الإصابة بالمجاعة، وعشر المواليد مصابون بأمراض سوء التغذية، وتركوني وذهبوا.

لهذا غيرت جوابي في البلد الثاني حين سُئلت السؤال ذاته، قلت لهم إن المشكلة الكبرى لدينا في «الحريم والزواج»، وإنني مازلت أنتظر منذ أربع سنوات، لأن (جدها) يعتقد بأنني وغد، وصندوق الزواج له بعض الشروط السخيفة، قاطعني أحدهم غاضباً وهو يصرخ: أهذه مصيبتك! لقد اغتصبت زوجتي وقتلت أمام عيني! وأنا مازلت هنا في هذا المعسكر أستمع إلى الصحافيين السخفاء مثلك!

كان غاضباً جداً و«هزأني»، لأنني قلت الحقيقة، شددت الرحال إلى البلد الثالث، حيث قلت لمجموعة من المسلحين إنني هنا لأن مشكلتنا الرئيسة في الإمارات هي «التويتر»، ووجود شلة لا يعجبها الرأي الآخر، وقد تشتمك وتسويلك «بلوك» إذا لم يعجبها رأيك، ضحك زعيمهم، وقال لي إنهم ذاهبون لمهاجمة منطقة من يخالفونهم الرأي بالصواريخ وقاذفات اللهب، وإن هذا هو الحل الوحيد للتعامل مع من يخالفك الرأي.

البلد الرابع زرته هرباً من موعد تجديد ملكية السيارة، وقلت هذا الأمر صادقاً للزميل الذي استقبلني، وأخبرته بأن «رادارات السيارات»، أصبحت هي مصيبتنا الكبرى في الإمارات ولا نجد لها حلاً، ثم سألته عن بقية الزملاء، فأخبرني بأن «السيارات المفخخة»، قد قضت عليهم جميعاً ولم يبقَ غيره.

بين مشكلاتنا الكبرى ومشكلاتهم الصغرى.. الحمد لمن أطعمنا من جوع وآمننا

من خوف!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر