مزاح.. ورماح

رقم مميّز للبيع

أحمد حسن الزعبي

قبل عام بالضبط اتصل بي الزميل باسل رفايعة مقترحاً أن أنضم لأسرة «الإمارات اليوم» شارحاً بإيجاز شديد عن سياسة الصحيفة ومسارها المهني، فقبلت العرض برغبة جامحة ألهتني حتى عن ممارسة التردد «المصطنع» أو طلب مهلة للتفكير، وذلك لوجود زملاء وقامات صحافية إماراتية وعربية أتشرّف بمزاملتها، إلا أن «عنّة» الكتابة انتابتني وأنا أخط مقالي الافتتاحي الأول ـ هذه الرهبة عادة ما تلازمني إذا ما انتقلت من جو صحيفة إلى جو صحيفة أُخرى ـ فبقيت ساعات طويلة أضع القلم على سطح الورقة من دون أن أجرؤ حتى على رفعه بين أصابعي.

الأمر يشبه إلى حد يعيد أن تقود سيارة جديدة غير تلك التي تعوّدت عليها، فأنت بحاجة إلى وقت حتى «تأخذ هواها» كما يقال باللهجة العامية، بعد الجلوس في المقعد تبدأ تتعرف إلى المفاتيح، هنا أزرار الشبابيك، هنا المسجل، هكذا مفتاح المكيّف، مبدّل السرعة، ثم تحتاج لفترة قصيرة حتى تتعرف إلى أبعاد السيارة حتى لا تصدمها برصيف الكلمة، أو تقشر «صبغ» السياسة العامة فيها.

كان مقالي الأول في «الإمارات اليوم» يوم الاثنين ‬5/‬3/‬2012، أي قبل عام ويوم بالضبط، وكان بعنوان «الدخول بدون تأشيرة» تحدّثت فيه عن إقامتي في دبي مدة سبع سنوات، ثم انقطاعي عنها مثل تلك المدّة والعودة ثانية من دون تأشيرة من خلال النشر على صفحات «الإمارات اليوم»، صحيح أنها عودة افتراضية عبر الحبر والورق، وصحيح أن المسافة التي تفصل بين ورقة المقال وورق المطبعة تزيد على ‬3500 كم، إلا أن المسافة القلبية بيني وبين دبي كتلك المسافة التي تفصل بين القلم والورقة أثناء الكتابة، فذكرياتي لم تزل حاضرة في سوق نايف والسبخة وسوق الذهب وشارع المرقبات والمطينة وهور العنز والبراحة وشارع الشيخ زايد والكرامة، شارع صلاح الدين، شارع خالد بن وليد، ثم القصيص والقوز وجبل علي، لقد دخلتُ بمسامات دبي مسامة مسامة شارعاً شارعاً «سكيكاً سكيكاً» محلّقاً مشبعاً بهواء المدينة مثل رطوبة الربيع.

لقد كتبت عشرات المقالات السياسية، وعشرات المقالات الاجتماعية الساخرة، وغيرها من موضوعات الفن والصحة والإعلام، هنا في هذه الزاوية، مفتّشاً كل أسبوع بين أكوام الأخبار والتقارير والحوادث عن شيء أستطيع أن أستخلص منه «بعض المزاح»، فإذا ما نجحت والتقطت الفكرة صرت أفكّر كيف أنهيها بضربة «رماح»، حتى تعوّد علينا القارئ العربي وتعوّدنا عليه، فالوجبة الساخرة مهما كانت معدّة جيداً لابدّ أن تزينها بـ«رشّة» سياسة قبل أن تقدم، والعكس صحيح، فوجبة السياسة وإن كانت معدّة جيداً لابدّ أن تزيّنها بـ«رشة» سخرية قبل أن تقدّم.

وبما أنني اقتربت من إنهاء مقالي البانورامي رقم ‬100 في «الإمارات اليوم» فإنني أدعو الله من كل قلبي أن يعينكم ويعين إدارة التحرير على طول لساني و«ثقالة دمي» في الأيام المقبلة.

ملاحظة: بما أن هذا المقال يحمل رقماً مميزاً (‬100)، فإنني أعرضه للبيع، للجادين فقط يرجى الاتصال برئيس التحرير.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر