كل يوم

استبيان بعيد عن «حسن النية»!

سامي الريامي

لا يمكننا التعامل بحسن نية مع الاستبيان الذي وزعه معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية التابع لجامعة قطر على العمالة في الإمارات، ولا يمكننا أبداً تجاوز نظرة الشك في أهدافه، فالمؤشرات السابقة واللاحقة لتوزيع هذا الاستبيان، جميعها تجعلنا نتيقن من أن هناك كثيراً من الأهداف غير المعلنة، تقبع خلف كل سؤال فيه، والأمر لا علاقة له أبداً بالدراسات العلمية المسحية، فهي تغطي ظاهر الأمر، وتخفي باطنه!

هناك أعراف، وقوانين، وجهات مختصة في الدولة، يمكن التنسيق والتعاون معها في مجال البحوث والدراسات، ولكن هذا الاستبيان دخل متسللاً إلى العمالة، مركزاً على أسئلة محددة، تفوح منها رائحة مشابهة لتلك الرائحة التي تركز عليها المنظمات الدولية ذات الأجندات، والتي تنشر كذبها وادعاءاتها في كل مناسبة، ولا يمكن أبداً الفصل بين الاثنين أو استبعاد الربط بينهما، خصوصاً بعد انكشاف أمر منظمة «الكرامة»، وتمثيليتها السابقة في تنظيم تجمعات «مدفوعة الأجر»، من مغتربين لا يعرفون أين تقع الإمارات، ويتظاهرون ضدها!

من المضحك أن تسأل عاملاً حول رضاه عن راتبه الشهري، فلا أعتقد أبداً أن الجواب سيكون «نعم راضٍ»، ولو وجهت هذا السؤال لكل العمال والموظفين وحتى المسؤولين في كل دول العالم، لكان الجواب «لست راضياً»!

سؤال مثل هذا لا يمكن تصنيفه أبداً كسؤال علمي، لأنه، وغيره كثير من الأسئلة في هذا الاستبيان، موجهة نحو إجابة معينة، يقصدها الباحث لاستنباط أجوبة سلبية، تساعد على توثيق صورة معينة، يهدف إليها البحث أو الدراسة!

لا يمكن إطلاق صفة «العلمي» على الاستبيان، لثلاثة أسباب واضحة فيه، أولها وأكثرها وضوحاً، هو توجيه الأسئلة للحصول على معلومات محددة ومقصودة، وثانيها، أن أسئلة الاستبيان لم تترك مجالاً للعمال لكتابة رأيهم في حال كان لديهم وجهة نظر أخرى، غير تلك «المطلوبة» منهم، وثالثها، التركيز على «التدين» في أوساط عمالة عربية، يفترض أساساً أنها «مسلمة»!

أما الأهداف «غير العملية» من الاستبيان فهي واضحة أيضاً لكل من يطلع على الـ‬75 سؤالاً، وهي السعي لتوثيق حالات مخالفة لحقوق العمالة، أو حقوق الإنسان، بشكل عام في الدولة، ونشرها إعلامياً، أو تغذية المنظمات الدولية التي تعمل ضد الإمارات بهذه المعلومات بغرض زيادة الضغط عليها، إضافة إلى قياس قوة التيار الديني في أوساط العمالة العربية في الإمارات، ومعرفة مدى تأثره بالأحداث العربية، وتالياً مدى إمكانية تأثيره في استقرار وأمن الإمارات، وثالثاً تشويه صورة الدولة، والتعتيم على منجزاتها العمالية، إجراءً وتشريعاً، من خلال التركيز على «استخراج» معلومات عن أوضاع العمالة العربية، وتعرضهم لضغوط من أصحاب العمل، تبين تناقض قوانين الدولة مع القوانين الدولية، وهذا الأمر تحديداً تم بدقة شديدة من خلال بعض الأسئلة التي لعب فيها الاستبيان على وتر الجاليات والجنسيات، لضرب بعضها بعضاً، وتالياً ضرب الدولة من خلالها!

غريب جداً ما يحدث، فالإمارات دولة مسالمة، وشعبها يكن كل محبة وخير لكل الشعوب الشقيقة والصديقة، ولم يثبت يوماً أن حكومة الإمارات تدخلت في شؤون الآخرين، ومع ذلك نكتشف يوماً بعد يوم أن هناك من لا يريد استمرار الأمن والأمان والاستقرار لدولتنا وشعبها، لكن ذلك لن يحدث بفضل الله، وفضل تلاحم شعب الإمارات مع قادته، وهذا ما لن يستطيع أحد تغييره.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر