‬5 دقائق

أفكار مرفوضة

د.عبدالله الكمالي

تنوعت في هذه الأيام الآراء والتوجهات والقناعات، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب الديني، وبعض هذه الآراء لها جذور حزبية بحتة، وبعضها كآراء التكفير المتطرفة دموية شرسة، وبعضها فلسفية طابعها التعقيد والجدل، وفي الغالب لا تكون هذه الآراء وليدة يومها، وإنما لها صلة وثيقة ببعض الفرق والتوجهات التي كانت موجودة في تاريخ المسلمين، لذلك قام علماء الأمة عبر التاريخ بالتحذير من هذه الآراء والفرق، فبعضها قد تتطرف بشكل أكبر وأكثر بمرور الأيام والليالي، ففي الظلام والخفاء تتوالد هذه الأفكار المرفوضة والحزبيات المقيتة، خصوصاً عند الشباب والناشئة بسبب توقد العاطفة عند بعضهم مع قلة الحصيلة العلمية والتأصيل الشرعي، وعدم أخذهم العلم عن أهل الرسوخ، ولله در السلف الصالح عندما قعدوا هذه القاعدة الجليلة: «إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم»، فكما أن الإنسان بفطرته لا يراجع من الأطباء إلا أهل الحذق والبراعة، فكذلك في مسائل الشرع والدين يجب ألا يأخذها إلا عن الثقات الراسخين.

إن السلامة من هذه الأفكار المرفوضة تكون باتباع الكتاب والسنة على فهم الأئمة العلماء، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاختلافات والآراء التي ستقع في المستقبل، ثم أوصى الصحابة بوصية عظيمة، فعن العرباض بن سارية، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة». فهذه وصية نبوية عظيمة جداً للوقاية من الفتن، ولو عرضت بعض الجماعات التي تتبنى الأفكار المرفوضة أفكارها على هذا الحديث لعلمت مدى انحرافها وتغريرها بشباب المسلمين، وفي مسائل طاعة الحكام وضوابط الخروج عليهم جاء هذا الخبر العظيم الذي رواه مسلم في صحيحه، فعن جنادة بن أبي أمية، قال: «دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: حدثنا - أصلحك الله - بحديث ينفع الله به، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان».

وفي مسائل التكفير قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما». فأي فكر مرفوض عرض على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فسيتضح بجلاء ووضوح مدى انحرافه عن جادة الصواب، مهما حاول صاحبه أن يُلبس الناس، فما عولجت هذه الأفكار المرفوضة بمثل نشر العلم الصحيح، لذلك قيل: «علموا الناس الحق يعرفوا الباطل».

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر