‬5 دقائق

حساء الدجاج!

سامي الخليفي

مبروك للجميع فرحة اليوم الوطني، أعادها الله على الوطن بالأفراح والمسرات، فتعال انفخ الشموع في أمل، ودع عنك الكسل، واحتفل وافرح ولا تنسَ أن الوطن ينتظر منك المزيد، ولم يفسد علينا فرحة الاحتفال سوى خبر رفع أسعار الدجاج من درهم إلى درهمين ـ آل إيه آل ـ بسبب ضغوط زيادة أسعار توريد الأعلاف عالمياً ـ ودي أصدق بس قوية قوية!

ويومياً تذكرني أمي بعد أن ينام الدجاج بأن خالي مات غدراً من نقرة ديك مسعور، وأن المرحوم يزورها في المنام على هيئة رجل أعمال شايل معاه طبق بيض ويطلب منها الثأر، وكالعادة أتصل بأقرب قناة تلفزيونية وأتحدث مع شخص مصدر رزقه الوحيد تفسير الأحلام، وكل تفسيراته إما زواج أو مولود، فأطلب منه التفسير، وبعد أن يقنعني بأن المكالمة بالدولار، وأن القناة غير مراقبة، يجيب بأن رجل الأعمال في المنام عدو محتمل، وأن حمل طبق البيض يدل على ارتفاع قادم في أسعار الدواجن، أما مطالبته بأخذ الثأر فيدل على مولود جديد!

وصدقني انت مو انت وانت جوعان، وأنا ما ألومك، فالجوع شعور مخيف وموجع، والجندي الذي يعود من المعركة يعود وقد فهم الحياة البشرية على حقيقتها، فهيا بنا نلعب وندخل سلسلة هل تعلم، فهل تعلم أن لكل مرحلة كشختها، ولكل دجاجة شركتها، وهل تعلم أن العديد من الهندوس يُصلون ضارعين لئلا يعودوا إلى الحياة من جديد، وأن الفنان ـ دافن شي ـ رسم الموناليزا والعشاء الأخير، وصديقي النوبي رسم صحن متروس عيش، وحين سألناه عن الوجبة الرئيسية أجاب بأنه يترقب عودة الدجاجة من مفاوضات الأعلاف، ثم أنهى الحوار بتوقيعه على اللوحة بعبارة: أحب البر والمزيون مع دجاج على الفحم وثلاثة عصير!

وبصراحة نفسي أرجع مجنون بس مش قادر، فمن يوم مات أبو مدير شركتنا، وراح الموظفين وقرأوا الفاتحة رحت أنا وقرأت «المنافقون»، وهناك اكتشفت أن قيمة الإنسان في الحياة تقاس بما تناوله من دجاج، فرجعت للبيت ولاحظت أن الولد بدأت تظهر عليه أعراض الأمانة والجدية والعلم فمنعته من أكل البيض، فحين يظهر ما هو عكس المألوف يتبعثر الكون، ودرهم زيادة خير من ألف ميعاد، ورفع سعر الدجاج سيتبعه رفع سعر البيض ومع رفع سعر البيض سيرتفع سعر الحليب والسكر والضغط، وهي متتالية تسمى متتالية ـ فيبوناتشي ـ حيث يتم تدريسها في أرقى جامعات الفايف ستارز، ومفادها أن كل شيء قابل للمتاجرة، وكل شيء قابل للبيع، وكل شيء قسمة ونصيب، وكل عام وأنتم بخير.

samy_alain@hotmail.com  

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر