مزاح.. ورماح

من زمن الـ «alcatel » الجميل

أحمد حسن الزعبي

في يومي الأول في الشركة، بحثت السكرتيرة «نانسي» في درج مكتبها قليلاً، ثم أخرجت لي «موبايل» رمادي اللون تركه أحد الموظفين المستقيلين، «الجهاز» كان يزن نصف كيلوغرام على الأقل، ويشبه إلى حد بعيد القنبلة اليدوية.

«نانسي»، وللأمانة، لم تبخل علي البتّة، حيث اتبعتني بــ «الشاحن» الخاص بـ«الموبايل» الأسطورة، طبعاً طول السلك ثلاثة أمتار ونصف المتر، إنه هاتف الـ«catel/ one touch» القديم، أول هاتف متنقل أضعه على أذني، وأول هاتف يجبرني أن أرفع «أنتينه»، كلما ضعف الصوت أو تقطع الكلام مع الطرف الآخر، أخذت الهاتف بمنتهى الفرحة، جلست على مكتبي، قمت بدسّ شريحة الرقم، ومن ثم تشغيله، وبدأت بتجريب النغمات، كانت أكثر نغماته هدوءاً، نغمة تشبه جرس الحريق، فاخترتها عنواناً لي.

ما علينا، بقيت على استخدام هذا الجهاز الجبار مدة سنة كاملة، صحيح أنه تسبب لي في عرج مؤقت بسبب بقائه ساعات طويلة معلقاً على «خاصرتي» اليسرى، وصحيح أنه سبب لي التهاباً حاداً بالأذن الداخلية كدت أن أفقد السمع على إثره، لكنه يبقى عزيزاً عليّ كونه أول تليفون أقتنيه في حياتي، ولو على سبيل «الاستعارة» من الشركة.

بعد عام تقريباً، قامت الشركة مشكورة بتبديل جهازي من one touch إلى جهاز (alcatel) آخر لا أذكر موديله، لكنه أقصر طولاً وأخف وزناً وأكثر حناناً، لكن للأمانة (alcatel) كله لم يرق إلى طموحي، فبقيت أغبط أصدقائي ممن يحملون «نوكيا الموزة ‬6150»، وأنظر إليهم بعين الغيرة والتمني، وكلما رنّ النوكيا أبو«‬6150» بموسيقى فيروز «يا أنا أنا.. أنا وياك.. صرنا القصص الغريبة»، يسقط قلبي «بين ركبي» رغبة في اقتناء هذا الساحر، ولأن العين بصيرة واليد قصيرة، فقد عوّضني الله بـ«نوكيا ‬3310» بعدها بشهور، وسأصدقكم القول إن موبايل نوكيا «كتكات» و«الدب» و«الدمعة» و«برج العرب» دخل السوق وخرج منها، ولم أستطع شراء أي منها للأسباب ذاتها (البصيرة والقصيرة)، طبعاً آخر «موبايل» تابعت أخباره باهتمام كان «نوكيا e52»، وبعدها لم أعد أعرف أي أكثر الأجهزة تطوّراً ومبيعاً، وأيها أكثر جمالاً و«موضة» وسعراً.

ما أود قوله في هذه المقالة، إن المستخدم نفسه لم يتطوّر بسرعة تطوّر الأجهزة نفسها التي يقتنيها، فمنذ منتصف التسعينات إلى الآن، وكلما غفوت في قيلولة الساعة الثانية ظهراً وجدت أكثر من ‬15 «مس كول»، غالباً ما تكون من الرقم نفسه، وأحياناً يكون متصل آخر بمنتهى الذكاء، بحيث يطلب مني برسالة sms أن أعاود الاتصال به، مع أنه يستخدم خدمة «حجب الرقم»، طبعاً منذ ‬15 عاماً لم يصل إلى قناعة بسيطة مفادها أنه لو كنت قادراً أو راغباً في الرّد لقمت بالرد عليه من أول رنّة.

بصراحة يجب أن تُعطى هيئات تنظيم الاتصالات صلاحية مثل صلاحية شرطة المرور، فكما تسحب «الليسن» من السائق المتهور، يجب أن تسحب الخط من المتصل «المتهوّر» أيضاً.

وسقا الله على «نوكيا بوكشّاف».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر