أبواب

تداعيات «نوبل»

خليل قنديل

مع إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، حيث منحت للروائي الصيني مو يان، نجد أن هذه الجائزة تدفعنا للتأمل العميق في قائمة الفائزين بجائزة نوبل للآداب منذ ولادة الجائزة، والوقوف على عتبة الحيرة، وذلك أننا لا نجد سوى عربي واحد حصل على هذه الجائزة، هو الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، وذلك على الرغم من أن عرباً كثراً اصطفوا حضارياً لنيل هذه الجائزة العالمية من أمثال الشاعر الراحل محمود درويش، والشاعر أدونيس، إلا أن هذه الجائزة ظلت عصية على الفوز بها عربياً!

ولجائزة نوبل تداعياتها الخاصة على مستوى واقع الثقافة العربية، ففي كل عام وفي لحظة الإعلان عن اسم الفائز، تكتشف الساحة الثقافية العربية أن صاحب هذه الجائزة الذي تم الإعلان عن اسمه ليس له أي وجود في قائمة النشر باللغة العربية، وأنه مجهول الهوية الإبداعية تماماً، علماً بأن صاحب هذه الجائزة لم يصل الى أعتابها إلا بعد أن أرسى وجوده الإبداعي في معظم لغات الأرض طبعاً باستثناء اللغة العربية.

والحال أن مثل هذه الظاهرة الافتقارية لمثل هذه الرموز الإبداعية العالمية تعيدنا الى التمعن في تدني مستوى الترجمة العربية عن اللغات الأخرى، وافتقار الثقافة العربية عموماً إلى نهج حضاري في الترجمة ومواكبة الإبداعات العالمية.

وفي هذا المقام، كثيراً ما تحدث عند دور النشر العربية، وعند بروز اسم الفائز، حالة يمكن تسميتها بـ«الفزعة» الأدبية، وتفشي حالة الاستعجال والاستنفار الفوري من قبل دور النشر هذه من أجل تكليف بعض المترجمين بالعمل الفوري على إنجاز ترجمة أعمال هذا الفائز من أي لغة متاحة.

والغريب أن القارئ العربي المتعطش أصلاً لمثل هذه الأعمال الإبداعية العظيمة يُقبل على اقتناء مثل هذه الترجمات بالسرعة ذاتها، والغريب أيضاً ان القارئ العربي لا يتوقف عند هذا الحد في التسرع، بل ان بعض من أدركتهم حرفة الكتابة يسعون الى الكتابة والتأثر المعلن بكتابة هذا الرمز العالمي أو ذاك.

ولعل الساحات الثقافية العربية التي تلقت فوز الكاتب الكولومبي غارثيا ماركيز بترجمات سريعة، قد بدأت بالكتابة على طريقة الواقعية السحرية التي انتهجها ماركيز في معظم مؤلفاته، بل إن البعض منهم جعلنا نعتقد أن الواقعية السحرية في الكتابة هي ذات منبت عربي في الأصل!

وعودة على البخل التاريخي في منح جائزة نوبل لبعض الرموز الإبداعية العربية نقول، إن الأمر برمته ربما يعود الى أن المضمون العربي في الإبداع في مجمله يعود الى ان الكتابات العربية عموماً لم تحفر في العمق الإنساني، بل ظلت تطفو على سطح قطريتها، وتقيم على قشرة الوعي الإنساني!

khaleilq@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر