من المجالس

«الأقصى» ليس مجرد حجر

عادل محمد الراشد

خلف أضواء «الربيع العربي» تستفرد الآلة الصهيونية بالقدس ومسجدها الأقصى، والوطن العربي بين حالين؛ حال عنوانه الفوضى، وألوانه الدم، وصورته الدمار، ولسانه اشتباك الكل بالكل، وحال آخر أصبح همه نفسه، وشغله كسب قوت يومه، وعيناه لا ترى أبعد من أنفه، وفكره أضيق من قاع جمجمته، والوطن لديه لا يزيد على آخر بيت في قريته أو ربما حارته.

وسط هذا التسونامي الجارف وذاك الركود الآسن اللذين يخيمان على المشهد العربي والإسلامي تواصل «إسرائيل» الاستيلاء على التاريخ وسرقة الذاكرة والسطو على المقدسات، لا تفرق في ذلك بين دار عبادة لو نطقت حجارته لشهدت بزور افتراءات التلمود، ولا مقبرة أجمعت كل الأديان والثقافات على حرمتها من الانتهاك والتدنيس. وفي كل يوم يقترب الصهاينة من تحقيق وعدهم المفترى بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم عليه، وسط حالة لا مبالاة شبه عامة تركت الفلسطينيين، بل ما تبقى من المقدسيين، داخل أسوار العزل العنصري، ينافحون ويكافحون ويواجهون الانتهاكات الصهيونية بأياديهم وحناجرهم وصراخ في وادٍ لا صدى يوصل.

وسير الأحداث يوحي بأن الصهاينة لم يعودوا بحاجة الى جس النبض واختبار ردود الفعل العربية والإسلامية الرسمية تجاه ما يمكن أن يذهبوا اليه بعيدا في مشروعهم مادام الموضوع أصبح محصوراً في منظمات أقليمية لاتزال تعيش زمن البيانات السياسية وإبراء الذمم كمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، أما الشارع فسينفس غضبه بتدمير وتخريب بيته. وهذا ربما يكون أشد وطأة وأكثر إيلاماً من سياط «الربيع» لو حدث وتمادت «اسرائيل» وأعملت فأسها ليضرب ضربته الأخيرة في صرح المسجد الأقصى. وقتها سيكون الجميع شركاء تحت سقف المعبد.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر