من المجالس

خلّوها تسوّس

عادل محمد الراشد

صحة الأسنان عنصر أساسي في منظومة الصحة العامة، لكن في أنظمتنا الصحية لاتزال صحة الفم والأسنان تحتل مواقع متأخرة في سلم الأولويات. فعيادات الأسنان في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية لاتزال محدودة السعة والإمكانات، مقارنة بالتخصصات العلاجية الأخرى، والمواعيد في هذه العيادات تكاد تكون تعجيزية أو «تطفيشية»، ونظام التأمين الصحي يتهرب من تغطية أنواع من هذه الخدمة العلاجية ويرمي بها على المريض، والعيادات الخاصة تضع قوائم أسعارها في مزايدات شبه دائمة، خصوصاً بعد تطبيق التأمين الصحي الذي فرض على المريض تحمّل 50٪ من مصاريف بعض أنواع العلاج، وتبرّأ من تحمل بقية العلاجات.

هذا الواقع أجبر شرائح واسعة من الناس على عدم زيارة طبيب الأسنان، إلا في الحالات الضرورية التي لا يمكن تحمل آلامها، وأسكن أكثر المواطنين مساكن اليأس من مراكز طب الأسنان الحكومية. وعلى الرغم منأ التأكيدات الصادرة عن الجهات الصحية في الدولة حول أهمية العناية بصحة الفم والأسنان، إلا أن الواقع يشير إلى زيادة التعقيدات والصعوبات التي تعترض طريق تعميم وتسهيل حصول الناس على هذه الخدمة، والسبب أن معاييرأ علاج الأسنان عندنا لاتزال تصنّف في قوائم العلاج الثانوي والطب التجميلي لو خرجت عن حدود الحشو والخلع، وهذا الفكر تم تجاوزه في الدول التي نسعى لمجاراتها في تطوير العناية بصحة الإنسان، والتي وضعت صحة الفم وجمال الأسنان كلها في الميزان نفسه، وساوت هذه مع بقية اختصاصات صحة الإنسان في تسهيل الحصول على خدماتها. فنحن بحاجة إلى مراجعة حجم ومستوى رعاية الأسنان، وإمكانية حصول الناس عليها، وإعادة دور المؤسسات العلاجية الحكومية، الذي تراجع كثيراً، وترك الخدمة في ما يشبه البورصة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر