من المجالس

ضرب الحبيب

عادل محمد الراشد

تسمع عن التهافت على جهاز «آي فون 5»، فتتخيل أن كل هؤلاء المتهافتين لا يملكون هاتفاً نقالاً أو أي وسيلة اتصال، وأنهم مقطوعون عن العالم يترقبون لحظة نزول هذا الهاتف إلى السوق المحلية ليعلنوا نهاية عزلتهم، ثم يأتي هؤلاء بعد ذلك ليشكوا حالهم المغلوب مع محال بيع الهواتف النقالة واتهامهم التجار باستغلال الإقبال ورفع الأسعار إلى أكثر من ضعف مثيلتها في أميركا المصنعة للجهاز وسائر دول العالم، لكن من دون التفكير في مجاراة التجار في توظيف مبدأ العرض والطلب بالتمهل والانتظار، والتعبير عن الغضب بوقف التدافع على المحال، بدلاً من الترافع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

هذا التهافت، المصاب بمرض «الريادة» في الاقتناء والتفاخر بتسجيل السبق، هو المؤشر الأكثر وضوحاً إلى تواري ثقافة الادخار، بل اضمحلالها في مواجهة ثقافة التظاهر. فعلى الرغم من الشكوى فإن الاصطفاف على أبواب متاجر «آبل» سيزداد طولاً، وإن جاوز السعر 6500 درهم أو ضعفه مادام تأثير بريق الشراء يتفوق على تأثير ما سواه، وإن كان لهيب الجيوب، أليس هذا ما يحدث مع بعض أنواع السيارات الأوروبية واليابانية التي صار اقتناؤها من مظاهر الوجاهة الكاذبة، التي كلما غالت الوكالات في أسعارها زاد عدد المنتظرين على قوائم طالبيها؟

هذه السلوكيات الأولى بأصحابها أن يعوا أنها السبب الأول في جعل أسواق الإمارات مختلفة عن الأسواق المحيطة بها قبل البعيدة، وأن تكون أسعار البضائع فيها تفوق مثيلاتها حتى في الدول التي تفرض الضرائب وتضع القيود. وأن محور الأسباب كلها هو المشتري وليس البائع، فبقدر وعيه بتشكيل اختياراته تتجه مؤشرات الأسعار.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر