من المجالس

ما لها داع

عادل محمد الراشد

قدم نادل المطعم اعتذاره بأدب إلى زبونة اعترضت على عدم وجود قائمة للطعام مكتوبة باللغة العربية، مؤكداً أن القائمة موجودة، لكنه قدم النسخة الإنجليزية لاعتقاده عدم أهميتها، لأن الكل يعرف الإنجليزية. يعني باختصار لم تعد اللغة العربية، بحكم الواقع، رأساً ثانياً كما يروّج أصحاب نظرية «ثنائية اللغة»، ولا حتى اللغة الثانية، بحسب ذلك المعيار الذي بسطه النادل البسيط في تقديره أن اللغة الإنجليزية هي القاسم المشترك بين كل ساكني الدولة، بمعنى أن لا ضرر من ترك اللغة العربية، وفي أحسن تقدير حفظها على الرف لمن يطلبها.

إذا كان هذا هو القياس مع هذا الجيل الذي يعتبر جيل الاتحاد، والذي يمثل عنصر الربط بين مرحلة كانت تكتسب أغلب تفاصيل بيئتها من ألوان البحر والصحراء، ومرحلة الحداثة التي لم تحجب رياحها خطوط الماضي وألوان التراث، فكيف ستكون حال اللغة ومعها الهوية الوطنية والثقافية، بعد أن يحل أبناء جيل الألفية الثانية، الذين أصبحوا يرضعون اللغة الإنجليزية، ويتشربون ثقافتها، ويعايشون مناسبات وأعياد أهلها في مرحلة الحضانة التي تسبق مرحلة الروضة، وهي المرحلة التي تستقر فيها الأسماء والصور والمعلومات في أدمغة الصغار على طريقة «النقش على الحجر»؟ هل سيكون هناك مَنْ يسأل عن قائمة طعام أو استمارة طلب أو بطاقة دعوة باللغة العربية؟ وهل سنأتي لنفتش عن متخصصين في اللغة العربية بين الخبراء الأجانب، ليساعدونا على حفظ حروفها من الاندثار، ولو في مخازن التاريخ؟

ليست مبالغة، ولا هو شطح في الخيال، لكنها علامات الواقع الذي تركت المدارس الخاصة ومدّعي تلبية حاجة السوق، ليقوموا برسم معالم مستقبله.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر