مزاح.. ورماح

«الموت واحد والرب واحد!»

عبدالله الشويخ

كنت في زيارة لأحد الزملاء في دائرة حكومية نناقش أفضل السيناريوهات للهروب المبكر إلى دبي في يوم الخميس، هو يقترح أن ندعي أن جدته في الرمق الأخير ويحتاج إلى زيارتها وأنا أحاول إقناعه بأن الأمر لن يستقيم لأني حتماً سأضحك أمام رئيس قسمه بما لا يليق بالموقف، ثم أقترح عليه محاولة استغلال طبيعة مديره ونشميته بعبارة «طلبتك يا بوفلان»، ثم أطلب خروج صاحبي المبكر معي! ونحن في خضم المناقشة دق جرس «إنذار الحريق» بكل قوة وأصف المشهد بصدق، السيد جيمس الذي يعمل مع صاحبي قام بإطفاء جهازه مباشرة وحمل الملفات المهمة وخرج من باب الطوارئ عبر السلالم أمامنا، وبقينا أنا وصاحبي نتناقش في الطريقة الأسلم للشردة!

الموظفون العرب في المؤسسة نظر بعضهم إلى بعض وقد علت وجوههم ابتسامة عريضة، وقال أحدهم للآخر مستظرفاً: فسحة.. فسحة!

في اللحظة نفسها كانت «مس مادلين» سكرتيرة المدير تهرع إلى باب الطوارئ الآخر حاملة ما خف وزنه وغلا ثمنه، وهي تنظر إلينا نظرة من طراز: هل أصيب هؤلاء الحمقى بالصمم؟!

دخل علينا «بوفلان» مدير صديقي، سلمت عليه وابتسمت، حاولت أن أجد مدخلاً للموضوع فقلت له: هل سمعت صفارة الحريق؟ فأجابني مباشرة وهو يقرأ الملحق الرياضي: خل يولون لا! أكيد بلاغ كاذب! تعجبني الثقة! قلت له: طلبتك، وقال بالطبع: تم! وأخذنا الحديث والمفاوضات الشاقة في محاولة إخراج صاحبي وأنا أحلف للمرة الألف أني لن «أخاويه» مرة أخرى في هذا المشوار المذل!

قرع أجراس الحريق مازال يصدح، وكانت الحركة في المؤسسة باتجاهين واضحين، الأجانب يطبقون نظام السلامة بحذافيره ويخرجون قبل التأكد من الخبر، وربعنا يضحكون ويتسامرون ولسان حالهم يقول «الموت واحد والرب واحد». و«ما يشيل الراس إلا اللي ركبه»، والبعض يتشمشم الهواء بين لحظة وأخرى وهو يرتشف الشاي الأخضر لكي يقوم.. ربما.. إذا شم أو أحس برائحة شياط!

سؤال أيها الأخوة، صدقوني موتوا كما تشاؤون محد بيسأل عليكم ولكن ماذا عن وثائقكم وأعمالكم ومعاملات المراجعين.. قليل من المسؤولية والوقاية لا يضر! فعلاً نحن أمة مؤمنة وهذا جميل، ولكن ليس بالضرورة أن نكون أمة مؤمنة ماتت محترقة!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر