مزاح.. ورماح

«الآيلس!»

عبدالله الشويخ

زميلي العزيز ورفيق حجرتي في جامعة الإمارات أيام الغوص، المدرب الدولي في مهارات التواصل، وفي الإيجابية، وكيف تغير حياتك، وكيف تقضي على ضغوط العمل، وكيف تقرأ الأفكار، وما إلى ذلك من الخرط اللذيذ، الزميل حمد الجابري، يرسل إليّ كل يوم أو يومين رسالة يقول لي فيها: شاهدوني اليوم على قناة (...)، عنوان الحلقة: كيف تستخدم البرمجة اللغوية العصبية في اختيار لون فرشاة أسنانك! أو عنواناً على غرار استخدام نظريات «الكايزن» في قضاء الحاجة، لذا فقد أصبح طقساً إجبارياً أن أشاهد برامجه وأتمعن في ما يقوله كلمة كلمة، لأنني أعلم بأنني سأتعرض في نهاية اليوم لاستجواب شديد في المقهى يتكون من 10 أسئلة، ليس بها «ملتبل تشويس» ستكون: هل سمعت ما قلته عندما سألتني المذيعة عن رأيي في كذا وكذا، وإذا أخطأت في إجابة معينة فعلي تحمّل زعله «الماصخ» مدة أسبوع!

كان هذا قبل لقائه في الأسبوع الماضي، الذي قال فيه إن بحوث جامعة (...) أثبتت أن الشخص العادي يستطيع تعلم ما يقرب من 200 لغة وتحدثها بطلاقة، هنا فقط قررت قطع العلاقة التي استمرت أكثر من 30 عاماً، وكسرت التلفزيون، وليغضب من يغضب، والله لا يرده! 200 لغة يا ظالم ونحن نستمع يومياً للملبارية يتحدثون من دون أن نستوعب كلمة واحدة أو نحفظ حرفاً من الـ«مالاليام»! 200 لغة ونصف المواطنين في الدولة فشلوا في إكمال درجة الماجستير، بسبب إصرار الجامعات على إحضار شهادة «الآيلس» أو «التوفل»، وبمعدلات خرافية أشك في أن «قوم بن جون» أنفسهم يستطيعون الحصول عليها.

حقيقة أصبحت هذه الشهادات، التي تدر الملايين على المؤسسات الدولية التي استحدثتها، عنصر تعطيل أمام آلاف الشباب الطموح لإكمال دراسته، فعندما تكون الجامعة عربية، بل وطنية، والمادة عبارة عن جغرافيا أو تاريخ أو أدب عربي، فلماذا هذا الشرط الغريب الذي اضطر الناس في النهاية إلى استحداث سوق سوداء لبيع الشهادات المضروبة، التي وصلت أسعارها إلى 17 و18 ألف درهم؟

أنا معكم في أن لغتنا بها من السماجة الشيء الكثير، وأن شكل الأجانب عندما يتصورون وهم يقولون «تشييييييز» ألطف بكثير من أشكالنا ونحن نتصور قائلين «قشييييييييد»، وأن معظم مثقفينا الصفوة يفكرون بالإنجليزية، لكن نحن الآن في مرحلتنا الذهبية لبناء حضارة، فلماذا نعطلها من أجل لغة أجنبية قد لا يكون لدى الكل القدرة على استيعابها؟

وإذا كان لابد، فلماذا لا تكون شهادة للغة الإنجليزية، لكنها وطنية إماراتية تذهب أموالها وفوائدها إلى جهة تعرف متطلبات واحتياجات وإمكانات الطالب في الإمارات، ذلك الطالب الذي يستطيع التحدث بـ200 لغة، كما يقول صديقي الجابري؟

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر