مزاح.. ورماح

«نظرية المؤامرة»

عبدالله الشويخ

في تلك الأعوام الجميلة وفي عصر «شفيق آريل» قبل الدش والرسيفر، ورأس الـ NLP وموتور تحريك الدش، وبطاقات التشفير والرسيفر الذي يكسر القنوات إياها.. عندما كنا نتحلق حول التلفاز بانتظار سالي أو كابتن ماجد، أو حتى «بشار» السفاح شخصياً، كان أثقل درس علينا هو ذلك البرنامج الديني الإجباري قبل الرسوم.

ولا أعلم حقيقة من هو العبقري الذي استحدث ذلك النظام، وهو يعلم تماماً أن أحداً لا يشاهد التلفاز في تلك الفترة سوى أطفال ينتظرون بشغف برامج مخصصة لأعمارهم، فيفاجؤون بوجود شيخ يطرح أموراً لا يفهمونها عن «الولاء والبراء» وعن «وحدة الأسماء والصفات» وعن «حياة البرزخ»؟ كانت اللحظات الوحيدة السعيدة في خطابه هي تلك اللحظة التي يكبر فيها رأسه وتقترب الكاميرا منه بشكل ملحوظ، فنعلم عندها أن البرنامج على وشك الانتهاء، وعندها فقط تعود إلينا فطرتنا الدينية الحقيقية فنبدأ «بالتهليل والتكبير والتحميد» ودعوة البقية: «خلص المطوع تعالوا!».

منذ ذلك الحين ونحن جميعاً نحمل في وجداننا قناعة بأن توقيت «الخطاب الديني» وطبيعته يجب أن يتغيرا. لا يوجد في مجتمعنا، ولله الحمد والفضل، من لا يؤمن بأن الدين هو عصب حياتنا، وأن «لا إله إلا الله» بها نحيا وعليها نموت، ومن يصر على غير ذلك فليتذكر ببساطة كلمات النشيد «دينه الإسلام هديه القرآن.. حصنتك باسم الله يا وطن»، ولكن الفرق الذي يفرّق بدلاً من أن يجمع، هو طبيعة استخدام هذا الخطاب الديني وتوقيت هذا الاستخدام.

كثيرون ينسون - أو يتناسون - قول الله تعالى: «وقولوا للناس حسناً»، وأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «حدثوا الناس بما يعرفون»، كما ينسون: «أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً في الدنيا»، و«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

حديث طويل وحساس ومتشعب، وحاجتنا كثيرة هذه الأيام إلى التوعية بأهمية طريقة الدعوة، كأهمية محتواها وأهمية الأولويات، واختيار الأساليب والتوقيتات المناسبة، وأهمها ألا تكون قبل «موعد الرسوم»، لتكون مقبولة وينتظرها المتلقي بشغف!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر