كل يوم

«كتاكيت» الباز.. وجيل «عميمور»!

سامي الريامي

أجمل لحظات منتدى الإعلام العربي، الذي انطلقت فعالياته أمس، هي ذلك السجال الذي دار بين العالم العربي الشهير فاروق الباز وبين محيي الدين عميمور وزير الإعلام السابق وإحدى أشهر الشخصيات الجزائرية البارزة، ذات التاريخ النضالي المشرف. كلاهما ـ من وجهة نظري ـ يملك جزءاً من الحقيقة، استطاع أن ينال به تصفيق الحضور، وكلاهما لديه وجهة نظر صحيحة، لكن موقع ومكانة وشهرة فاروق الباز، وجلوسه على المنصة محاضراً رئيساً، ومخاطبته جيل الشباب بحب وعاطفة، جعلت كفة ميزان السجال تميل إلى مصلحته، على الرغم من عدم وجود خطأ في كلام عميمور.

الدكتور فاروق الباز لديه قناعة تامة بأن جيل الشباب الحالي، هو أفضل جيل، لدرجة أنه وصف أبناء جيله بأنهم فاشلون، بل هم «خايبين»، ولم يستطيعوا إحداث التغيير الذي أحدثه جيل شاب، هم نواة الثورات، وهم نواة التغيير في الوطن العربي، وطالب المسؤولين بالجلوس خلف الكواليس، وإعطاء الفرصة كاملة للشباب، من أجل العمل والتطوير وإحداث التغيير.

أما محيي الدين عميمور، فإنه بدأ حديثه بالإشادة وبشدة بمكانة فاروق الباز، لكنه اعترض ـ بشدة أيضاً ـ على وصف الجيل السابق بـ«الفاشل»، ودلل على ذلك بالنهضة الكبيرة التي شهدتها دولة الإمارات، والتي كانت قبل 45 عاماً صحراء قاحلة، وإمارات فقيرة، أطلق عليها «الساحل المتصالح»، كذلك كانت الجزائر ومعظم دول الخليج والدول العربية، وبفضل الجيل السابق تطورت ونهضت ووصلت إلى ما هي عليه الآن، معترفاً بأن هناك الكثير من النواقص والأمنيات التي لم تتحقق، لكن هذا لا يعني وصفه بالفاشل!

ولأن عميمور حظي بتصفيق وتأييد من الحضور، اضطر الباز إلى شرح وجهة نظره أكثر، فقال إن الجيل السابق وضع في اعتباره، وفي أحلامه، أربع أمنيات رئيسة سعى طوال وقته إلى تحقيقها، هي، الوحدة العربية، وتحرير فلسطين، وتطوير التعليم، ثم تحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية، متسائلاً: «وما الذي تحقق من هذه الأمنيات؟ جامعة عربية ضعيفة، وفلسطين ظلت محتلة، والمسؤولون عن التعليم في الوطن العربي هم أكثر الناس حاجة إلى من يعلمهم، وتهاوت العدالة الاجتماعية بعدما تم أخذ فلوس الأغنياء، ليس من أجل توزيعها على الفقراء وتحقيق العدالة، بل أخذها ومصادرتها وتوزيعها على أعضاء السلطة!»، وبهذه الجملة انتزع الباز تأييد الحضور وتصفيقهم مرة أخرى.

تفاؤل الدكتور فاروق الباز بالشباب في محله، وهم المستقبل وبهم سيتم النمو والتطوير، لا أحد يختلف على ذلك، لكن شريطة ألا ننسى نقطتين مهمتين، الأولى أن الجيل الحالي هو نتاج تجارب الجيل السابق وتربيته، وجيل الآباء هو من سعى إلى سد النواقص التي اعترضته، لتسهيل الطريق أمام الجيل الحالي، كما لا ننسى أن المقارنة، بمعزل عن الظروف المحيطة والتوقيت الزمني، لاشك في أنها غير صائبة، فالإمكانات والتقنية الحالية ووسائل المواصلات والاتصالات لم تكن متوافرة قبل 40 عاماً، ومع ذلك فإن الجيل السابق أسس وبنى دولة عصرية حديثة، قابلة للتطوير والنمو أكثر فأكثر.

وفقاً للمعايير الأربعة التي وضعها الباز، فإن الجيل السابق هو «فاشل»، كما يرى الباز، لكن وفقاً للمعايير ذاتها، هل يستطيع جيل الشباب و«الكتاكيت»، حسب وصف الدكتور فاروق، أن ينجح؟! هذا هو السؤال حتى تكون المقارنة عادلة!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر