5 دقائق

الصديق ليس في وقت الضيق

ميره القاسم

لا أعرف من القائل الأول لجملة «الصديق وقت الضيق»، لكن بسببها، ربما، خسر كثير من الناس أصدقاءهم، لأنهم لم يقفوا معهم في وقت ضيقهم، ولم يترجموا تلك المقولة لواقع ملموس. فهل حقاً تصدق هذه المقولة؟!

كنت دائماً أغالب هذا الرأي، فماذا لو كان صديقي في وقت ضيقي يمر بضيق مماثل في الوقت نفسه، وبالتالي لا يستطيع أن يقف معي ذلك الوقوف الذي يترجم حقيقة صداقته لي. وربما اكتشفت أن بعض من هم على الهامش في حياتك يقفون معك في وقت ضيقك ليسوا بالضرورة أولئك الأصدقاء الحقيقيين، بل ربما الظروف جعلتهم أبطالاً في موقف ما، ويكون من الظلم في هذه الحالة أن نجعل العبارة السابقة معياراً للصداقة الحقيقية، فهناك أشخاص مولعون بتصدر المشهد في أوقات الضيق، يحبون أن يكونوا قرب المآسي والدموع والمشكلات، وربما منحوك أقصى ما يستطيعون من تعاطف، وأقصى ما يستطيعون من أفكار وحلول، ويظهرون حبهم لك أكثر عندما تواجه مشكلة ما، بينما عندما تبتسم لك الحياة فإنهم ينسحبون بغضب صامت دون أن تعرف السبب!

وهناك أصدقاء أو «تظنهم أصدقاء» تقتلهم الغيرة من نجاحاتك ويسوؤهم كثيراً فرحك، لذا هم يختفون من الساحة تاركين إياها للصديق الذي ليس في وقت الضيق، لذلك الصديق الذي يفرحه فرحك ويسره نجاحك يشاركك أحوال الحياة كافة. وكم يضايقك اختفاؤه الذي من المفروض أن يحضر وقت الضيق، ولم يُبدِ عذراً وجيهاً لتخلفه عن حضور لحظة يشاركك فيها ضيقك، لكنك، على الرغم من ذلك، التمست له العذر أكثر من ذلك الصديق الذي استطاع أن يساندك في حزنك وفشلك.

تحتاج منّا بعض الأحكام العامة إلى ترو وحكمة، فليس من العدل أن نحكم على علاقة إنسانية من خلال مقولة شائعة، ونجعلها شرطاً للصديق الحقيقي دون أن نتساءل: لماذا يقف فلان معي في هذه اللحظة الحزينة بالذات؟ ولماذا يختفي من أن يشاركني في تلك، أو العكس؟!

عندما تجد إجابات منطقية ومقنعة لتساؤلاتك، بالتأكيد لن تكون أحكامك على أصدقائك بناءً على قانون مُعلّب ومستهلك، تداوله الكثيرون وحفظوه جيداً وعملوا به ليكونوا من أولئك الأصدقاء النبلاء، بينما النبل منهم براء.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر