مزاح.. ورماح

«دئيئة من وأتك...!»

عبدالله الشويخ

جميلة هي الاتصالات الصباحية، عندما تحمل صوتاً أنثوياً لطيفاً، ينسيك جوقة الأصوات الخشنة التي كنت تسمعها إلى نهاية يومك السابق، لكن الإحساس سيختلف تماماً وينقلب، عندما تسمع صاحبة الصوت الجميل تقول عبارتها الخطرة: «فيني آخد دئيئة من وأتك؟!».

موضوع الـ«تيلي ماركتينغ»، أو التسويق عبر الهاتف، موجود ومعروف حول العالم، لكن خصوصية مجتمعنا تجعل تطبيقه هنا مشوهاً، فهو يعتمد بدرجة كبيرة على الإحراج، وعلى استحياء الكثيرين من رد طلب أنثى تقوم بالعملية، لذا في معظم الأحيان، ومع إلحاح المتصلات المختلفات، اللاتي يطلبن الاشتراك في أندية، أو بطاقات خصومات معينة، أضطر إلى ستخدام أساليب ملتوية، فمرة أعطيها رقم أحد الزملاء على أنه سكرتيري، وأقول لها أن تخبره بأن المدير يقول له أن يقوم باللازم، بالطبع قد يكون هذا الزميل في وضع مزاجي سيئ وغير قابل للمزاح، فيقوم بسبها وسبي وسب الفندق والخصومات، وفي أحيان أخرى أستخدم تكتيك المهتم بالعرض «هااا، جمييييل، روووعة»، ثم اطلب منها الاتصال في وقت آخر، والمصيبة أنه عندما يأتي ذلك الوقت الآخر تكون هي لم تنسَ، وأكون أنا قد نسيت لمن هذا الرقم المتصل، لكن أتذكر أني لا أحبه، وأحاول التذكر فلا أتذكر، ومن باب الفضول أجيب على الاتصال.. لأندم بعد سماع الصوت ذاته: «مرحبا إستاز!».

ثقافتنا واحترامنا للمرأة يمنعاننا، في كثير من الأحيان، من قول «لا»، و«لا كبيرة»، فلو كان المتصل ذكراً لسمع على الدوام عبارة «إذا اتصلت مرة ثانية لا تلوم إلا نفسك»، لكن العقدة العربية تجاه الجنس الآخر تصور لك دوماً أن الطرف الآخر يحمل فتاة رقيقة ترغب في الستر فعليك التأدب معها، أحد الوقحين أوصاني بأن أفضل طريقة للتخلص من هذا الإزعاج، هي أن أكون «قليل الأدب» مع المتصلات، وأن أقول جملاً تعطي إيحاءات قذرة، وعليها فلن يتصلن مرة أخرى.

جربت هذا «التكنيك»، ولسوء حظي «كالعادة» كانت الضحية رقيقة للغاية، صدمتها عباراتي فبكت وبكت، وقالت لي إنه حرام عليّ أن أستغل ضعفها وأداءها واجبها وبكيت معها، ما اضطر ضميري السخيف إلى التحرك، فقمت بسبعة اشتراكات لي ولجميع أفراد العائلة ولصاحبي ولشريكي في «الورقة»، نوعاً من الكفارة، ولم أستثن أحداً سوى صاحب اقتراح الوقاحة الذي ورطني في هذا المطب.

جربت وضع الأرقام في اللائحة السوداء، لكنهم يغيرونها باستمرار، جربت تجاهل الأرقام الغريبة حتى فقدت صفقات عدة بسبب هذه العادة، لم يبقَ لي سوى أن أخصص استقطاعاً من راتبي أضيفه إلى قائمة ميزانيتي في الـ«إكسل»، يقول بوضوح: «اشتراكات وفنادق»!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر