كل يوم

أكل لحوم الجن.. حلال!

سامي الريامي

هناك من يصرّ دائماً على عدم احترام عقولنا، ويصرّ على الإساءة إلى الإسلام بشكل يشوّه صورة هذا الدين ومعتنقيه، على الرغم من أن الإسلام دين لا يلغي العقل أبداً، بل يدعو إلى التفكر والتأمل والتعقل.

هؤلاء ليسوا يهوداً كارهين للدعوة الإسلامية، وليسوا «صليبيين» أو «كفاراً»، كما تحلو تسميتهم عند كثير من المسلمين، من يسيء إلى الدين هم رجال من أهل هذا الدين، بعضهم يدعي العلم، والبعض يختفي خلف عباءة الفتاوى، لنيل شهرة أو مال، لكنه يعمل بشكل مؤثر جداً للنيل من مكانة العقل في الدين الإسلامي، ويجعلنا أضحوكة أمام كل ذي عقل!

ما الصورة التي يمكن أن تتشكل لدى كل من يسمع عن فتوى جواز معاشرة الزوج لزوجته الميتة توّاً؟ التي أطلقها شيخ مغربي يتولى منصب رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث، وأثارت جدلاً واسعاً، فهل وصلنا إلى هذه الدرجة من غياب الإنسانية والفكر السوي، حتى يُطرح موضوع كهذا للنقاش أساساً؟!

في الصومال تحرم «حركة المجاهدين»، خلال شهر رمضان الماضي أكل «السمبوسة»، بدعوى أنها تحتوي على أضلاع مسيحية تشبه أضلاع الثالوث المقدس والمسيحي، وفي أوروبا يحرم مفتٍ على النساء والفتيات ملامسة بعض أنواع الفواكه والخضراوات قبل تقطيعها، بدعوى أنها ربما تؤدي إلى إغوائهن، أليست هذه فتاوى تجعلنا نظهر بصورة المتخلفين في عصر التطور؟ وهل ينبغي لنا أن نترك الأمراض النفسية التي يمر بها بعض المفتين تدمر مصير أمة كاملة، لا ينقصها مزيد من التشكيك والمحاربة والأعداء، ولا ينقصها أيضاً مزيد من الجهل والجهلاء؟!

إنها ليست حالات فردية، كما أنها ليست مسائل بسيطة لا تُشكل ظاهرة، بل هي ظاهرة عامة تتكرر بين شيوخ الدين المسلمين، في جميع البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، وستظل مستمرة في ظل إصرار كثيرين على إلغاء العقل، وتقديس الأشخاص، وأخذ تعاليم الدين حلاله وحرامه من دون تفكير، لأن هناك من يرى أن الأحكام قطعية، وتالياً فما يرونه حراماً، فهو حرام بيّن، ولا مجال أبداً للنقاش أو استعراض الآراء المختلفة، وكل يشدد حسب وجهة نظره ورأيه، لا حسب الدين وفكره ومبادئه.

إنها حالة فوضى، لا تقل أبداً عن الفوضى العامة، وغياب القوانين، وانتشار الجهل في مختلف البلاد الإسلامية، فالجهل نقيض العقل، والعقل هو ألد أعداء هذه النوعية من المفتين.

تلك الفتاوى الغريبة، لن تكون الأخيرة، وهؤلاء المفتون ليسوا حكراً على بلدان بعينها، فهم منتشرون ومسيطرون على كثير من العقول والقلوب، وبعضهم أصبح يتاجر ويربح من هذه المهنة البسيطة التي لا تتطلب أبداً سوى مهارات حفظ قليلة، وتغييرات طفيفة في الشكل!

سنظل نسمع فتاوى غريبة من أناس هم أخطر على الإسلام من أي شيء آخر، وسيظل العالم يضحك من جهلنا، ومن جواز أكل لحوم الجن، إن تمكن الإنسان من ذلك، وسنظل نسمع عن تحريم أمور لم يحرمها الشرع، لأن هناك من يفهم في الإسلام ويخشى على المسلمين والمسلمات من الفتنة، أكثر من الإسلام نفسه، وسيظل هناك المغالون والكاذبون، والمتخلفون، ما لم يعمل كل منا على تشغيل عقله قبل أي شيء آخر.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر