من المجالس

درس البحرين

عادل محمد الراشد

البحرين تتماسك، على الرغم من رياح السموم العاتية المسلطة عليها من بعض القوى الإقليمية والدولية، وتجربتها تزداد نضجا وتبلورا، على الرغم من كل عمليات النفخ في النيران.

وعلى عكس ما تسمى « دول الربيع العربي »، وضعت البحرين نفسها أمام جهاز التشخيص، وعملت في بادرة، لم يسبقها إليها أحد، على جلب لجنة تحقيق دولية مستقلة منحتها الصلاحيات كافة، وجعلت عملها في الهواء الطلق وفرشت لها كل جغرافيا المملكة الصغيرة لتدخل بيوت البحرينيين بيتاً بيتاً، وتلتقي بكل الناس، وتستمع إلى كل الآراء، وتسجل كل الملاحظات، وتثبت الشكاوى ثم تكتب تقريرها وفق المعايير الاحترافية والتقييم الموضوعي. فكانت المفاجأة أشد على المعارضين الذين شككوا في اللجنة، قبل إعلان التقرير ثم تلقفوا نتائجه مبتهجين بعد الإعلان. هذا هو الدرس الذي قدمته مملكة البحرين في التعاطي مع المشكلة التي هزت نسيجها الاجتماعي ولحمتها الوطنية، بفعل أوضاع داخلية لا يمكن إنكارها، فاقمها تدخل خارجي ذو أطماع توسعية وأجندات « فتنوية ». فلم يحدث أن وضعت حكومة عربية مرت بالظروف نفسها أمام المحاسبة من جهات مستقلة، ثم قبلت على الفور بنتائج هذه المحاسبة، واعترفت بتحملها قسطا من المسؤولية وتعهدت بإصلاح ما وقعت فيه من أخطاء. وهو ليس درساً للحكومات التي تتمرغ في دماء مواطنيها، وتكابر في ارتكاب الخطأ وحسب، وإنما هو درس لـ« المعارضة » التي جر سلوكها البلد بعيدا، وأحدث أسلوب احتجاجها شرخا في المجتمع البحريني، ووصلت تداعياته إلى محيطه الخليجي ولم تسلم منه دول عربية وإسلامية أخرى، لتعود إلى مائدة البيت البحريني وتتحرر من الأوهام الأيديولوجية، علها تستطيع أن تنزع الخوف والشك اللذين زرعتهما الأحداث في أطراف النسيج الواحد.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر