أبواب

هل كُنا مستعمرة بريطانية؟

سالم حميد

إن من أهم أسباب قرار بريطانيا تأسيس « قوة ساحل عُمان » عام 1950 في « إمارات الساحل »، كان لتعديات وخروقات وتجاوزات الجيولوجيين التابعين لشركة « أرامكو » البترولية الأميركية في أراضي أبوظبي عام ،1949 وثانياً لترتيب وجود الحماية العسكرية النظامية اللازمة لشركات النفط البريطانية العاملة في إمارات الساحل ولحماية الأفراد والمنشآت، وكذلك لوضع حد للنزاع القائم بين إمارات الساحل بسبب المشكلات الحدودية، خصوصاً بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والحفاظ على الأمن الداخلي المدني في مشيخات الإمارات. وبلغ عدد العسكريين في البداية 70 عسكرياً عام ،1950 وتحملت وزارة الخارجية البريطانية الكلفة المادية لتكوين تلك الفرقة العسكرية في البداية من عسكريين خليط من بريطانيين وعرب من الأردن واليمن، وبعض الإماراتيين، ثم ازداد عدد العسكريين الإماراتيين على مراحل. يعتقد بعض مواطني الإمارات والمقيمين فيها أن الإمارات كانت في السابق مستعمرة بريطانية قبل عام ،1971 حالها حال بقية المستعمرات البريطانية كتلك التي في قارتي آسيا وإفريقيا. في الحقيقة الوضع القانوني للإمارات يختلف كثيراً عن تلك المسميات بالمستعمرات البريطانية، وقد أثار هذا الأمر جدلاً، سواء من السياسيين أو المؤرخين، فالمشيخات كانت في الأصل مستقلة استقلالاً تاماً ولم تتعرض للاستعمار مطلقاً منذ تاريخ نشوئها، والعلاقات مع بريطانيا كانت تتميز بالخصوصية؛ حيث لم تتدخل بريطانيا إطلاقاً في الشؤون الداخلية للإمارات مادامت مصالحها التجارية تسير في الاتجاه الصحيح، كما أنها كانت تدفع رسوماً سنوية لحكومات الإمارات نظير استخدامها المطارات المحلية. وعلى صعيد القانون الدولي، فإن الإمارات لم تُصنف على الاطلاق على أنها مستعمرة، بدليل أن الشؤون الخارجية لمشيخات الإمارات منذ عام ،1947 بعد استقلال الهند، كانت تُدار بالتعاون مع وزارة الخارجية البريطانية وليس مع وزارة المستعمرات البريطانية، وكان التصنيف الدولي للمشيخات يقول إنها إمارات مستقلة تحت الحماية البريطانية. وعلى العموم، فإن العلاقات بين المشيخات قبل الاتحاد والمملكة المتحدة شديدة التعقيد وبحاجة إلى كثير من الدراسات لتفهم الخصوصية التي كانت تتمتع بها مشيخات الإمارات من استقلالية.

السجلات البريطانية تؤكد أنها في حقبة الستينات من القرن الماضي، أجمعت على انتقاد الدور الاستعماري لبريطانيا في عدن وجنوب شبه الجزيرة العربية، وحمايتها لمشيخات الخليج، أي أن مشيخات الخليج لم تكن ضمن المستعمرات البريطانية، وفي عام 1968 قررت حكومة حزب العمال البريطاني ورئيسها هارولد ولسون، الانسحاب نهائياً من عدن، وإلغاء اتفاقات الحماية مع « إمارات الساحل » بسبب الصعوبات المالية التي كانت تعانيها بريطانيا، وأعلنت أن كل شيء سينتهي عام ،1971 ولكن « إمارات الساحل » لم تكن مستعدة لإعلان قيام دولتها الاتحادية، على الرغم من ثروتها النفطية، وعدم وجود جيش نظامي موحد للإمارات أجمع.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر