رؤية

صناديق أجيال المستقبل

نجيب الشامسي

بناء أجيال المستقبل اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وعلمياً، وصحياً، من مسؤوليات الدولة الطامحة نحو التقدم والازدهار والنمو والتنمية، والأمن والاستقرار، باعتبار أن تلك الأجيال ثروة الدول ورصيدها الحقيقي لتحقيق نهضة شاملة واستقرار آمن ودائم. ولما كانت الإمارات تعد من الدول الشابة، نظراً لعمرها ونسبة الشباب في سكانها المواطنين، فإن هذا الشباب يمكن أن يكون إيجابياً ولبنة أساسية في بناء مستقبل البلاد، إذا ما تم توظيفه واستثمار قدراته بما يخدم الأهداف العامة للدولة. وفي الوقت نفسه الاهتمام بتنمية هذا الجيل من الشباب، من خلال منحه حقوقه كافة، وتفهم متطلباته. وفي سياق البناء الاقتصادي للشباب، فإن وجود مؤسسات اقتصادية تتبنى مشروعات الشباب، تقدم لها الحكومات المحلية دعمها المالي من خلال تمويل مشروعاتهم الخاصة، ليس كافياً ولا مانعاً من تعرض هذا الشباب لانتكاسات وأزمات مالية تعرض نفسه وأسرته، وبالتالي، وطنه واقتصاد بلده إلى هزات عنيفة. من هنا، فإن وجود صناديق أجيال المستقبل، أو حتى صندوق واحد له فروع في مختلف مدن ومناطق الدولة، إنما يمثل خطوة مهمة ورائدة لدعم جيل الشباب، واستثمار قدراتهم الذهنية والعقلية، ومدخراتهم المالية واستثمار امكاناتهم المالية التي ربما ورثها البعض من ذويه، ولا يعرف طريقاً لتنميتها واستثمارها. وتلك الصناديق أو الصندوق حينما يشكل لها مجلس إدارة، ولجان فنية واستثمارية تضم نخبة من المسؤولين من ذوي الخبرة، وعدداً من جيل الشباب، إنما يحقق الهدف المشترك للشباب التواق نحو تحقيق ذاته في مختلف الميادين، لاسيما اقتصادياً وبناء تحصيناته الاقتصادية والاجتماعية، ثم الدولة طرف آخر، التي يفترض أن تترجم رؤيتها التنموية، وبناء نسيجها الأمني والاقتصادي والسياسي بإشراك جيل الشباب في مختلف مراحلها.

لقد تعرض جيل الشباب، الذي تملك الدولة ميزة نسبية فيه، للعديد من الأزمات المالية سواء في القطاع العقاري أو الأسواق المالية، حينما تكبد خسائر مالية كبيرة بسبب عدم امتلاك الكثير منهم رؤية علمية، وفهماً دقيقاً لعمليات الاستثمار أو تداول الاسهم والاستثمار.

حينما يكون هناك صندوق لأجيال المستقبل يحتضن ودائع ومدخرات الأفراد من جيل الشباب، ويتم تشكيل مجلس إدارة أمين وعلى قدر من الفهم لعمليات الاستثمار، يدير هذا الصندوق، إنما من شأنه احتضان رؤوس أموال متراكمة وكبيرة، وأصول مالية وعقارية جيدة يمتلكها هذا الجيل الشاب يصار إلى توظيفها في أوعية استثمارية مختارة ومضمونة، وتحقق للشباب عائداً آمناً، ومناسباً. وتحول دون تعرضه إلى مضاعفات أزمات وهزات مالية واستثمارية كما حدث خلال السنوات الأخيرة.

وحينما تدار رؤوس الأموال المالية والنقدية تلك من قبل أصحاب الخبرة والمعرفة، إنما يعزز ذلك من الاقتصاد الوطني، عندما يتم تدويرها في محيط الاقتصاد الوطني، وفي قنوات استثمارية آمنة، وقد تسهم عمليات صندوق الأجيال في توفير فرص وظيفية إلى شريحة من الشباب الذين سيبدون حرصاً على العمل والإنتاج والابتكار، خصوصاً إذا كان البعض منهم مسهماً في الصندوق بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن وجود صندوق واحد على مستوى الدولة، يعني تجميع مدخرات أكبر، ويعني امتلاك الإدارة لحرية أكبر في المنافسة والحضور في الساحة الاقتصادية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر