يا جماعة الخير

مجالس تربوية للوالدين (2)

مصطفى عبدالعال

قال المعلم للطلاب المتميزين: من يعرّفنا ما العقوق؟ فقال مصبح: سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن الْكَبَائِرِ فقال: الْإِشْرَاكُ بِاللهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النفْسِ وَشَهَادَةُ الزور، فالله سبحانه ساوى بين الإشراك والقتل وعقوق الوالدين، ولذلك حذّرنا الله ورسوله من أن نقع في هذه الكبيرة وهي العقوق. قاطعه الشيخ مبتسماً فقال: انتظر يا مصبح، فأنت قلت كلاماً طيباً، لكن لم تنتبه لسؤالي، وهذه نقطة مهمة يا أبنائي، انتبهوا لها في دراستكم وفي أعمالكم! سؤالي كان: ما العقوق؟ فهل الكلام الذي قاله أخوكم مصبح هو الرد على سؤالي؟ قام حميد، بعد الإذن له، فقال: لا يا شيخنا، فأخي مصبح بيّن لنا عقوبة العقوق، وليس ما العقوق، فقال الشيخ: بوركت يا حميد، بعض المتفوقين من أمثالكم ربما لا يأخذ تقديره المناسب في اختبار ما، ولو بحث لوجد هذا الخطأ عنده؟ فعنده المعلومات واستذكر جيداً وما قصر في المطلوب منه، لكنه لم ينتبه إلى المطلوب في السؤال،كما حدث مع أخيكم مصبح، وكما يقولون « رُب ضارة نافعة »، فسهو مصبح كان السبب في أن ننتبه جميعاً إلى هذه الملاحظة المهمة، فمن منكم يرد على السؤال؟ قام مفلح، بعد الإذن له، وقال: العقوق هو مخالفة أحد الوالدين بمعصية تغضبهما، ولا يرضى الله سبحانه عن فعلها. قال الشيخ: تعريف جميل، فمن يضرب لنا أمثلة؟ قام فهد وقال: عدم الاستجابة لطلب أحد الوالدين، كالأمر بالصلاة مثلا، فهو إضافة إلى معصية ربه فقد عق الوالدين بعدم الاستجابة لهما، وكذلك لو رد الولد كلام أبيه أو أمه - ما لم يكن إثماً - فهو عقوق، ورفع صوته عليهما، والكذب عليهما عقوق، ولو سهر خارج البيت لوقت يقلقهما، فمجرد معرفته بإقلاقهما ثم تمادى فهو العقوق، وهكذا في كل ما يأمر به الوالدان من خير ففي مخالفته عقوق.

إذاً فهل منكم من يعرفني معنى بر الوالدين؟

قام حمدان فقال: الإحسان إليهما، بطاعتهما، واحترام كلامهما، وخدمتهما، والتعبير عن محبتهما بفعل ما يرضيهما، وأهم ما يرضيهما أن يكون ولدهما مهتماً بدراسته، وبعمله، مؤدباً في معاملاته، محافظاً على نظافته وسلوكه، يحسن اختيار أصدقائه.

قال الشيخ: بارك الله فيكم جميعاً، وكم سعدت بأدبكم، والآن أسال: من منكم لا يحب والديه؟ أريده أن يرفع أصبعه..لا أرى أحداً.. ها.. أفهم أنه ليس منكم من لا يحب والديه. هذا حسن وجميل، فهل من يحب والديه يؤذيهما؟ طبعاً عيونكم تقول: لا، مستحيل، إذاً فاعلموا أحبتي أن من يخالف أبويه فقد آذاهما وأحزنهما، ومن أضحكهما أضحكه الله وأحبه وأسعده في الدارين. وانظروا إلى شكوى الأم من خالٍ يقطعها أو غضب الجد على ولد له من أعمامكم أو قطيعة بين أعمام وعمات وأخوال وخالات، إن كان هذا لا يرضيكم فاحذروا أن تسيروا على الدرب، فإن الحب والود والتقارب نعم جليلة لا يحرم منها إلا من تولى فعاقبه الله بأن جعله قاطع رحم كما توعد: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَليْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطعُوا أَرْحَامَكُمْ } محمد «22»

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر