أبواب

الهوية الغائبة صحافياً ودرامياً

سالم حميد

تناول ملتقى الإعلام والهوية الوطنية، الذي نظمه المجلس الوطني للإعلام، بالتعاون مع مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وجمعية الصحافيين، قضية الهوية الوطنية في الإعلام المحلي، وتنوعت الآراء التي تم تداولها، وغطته صحفنا المحلية بشكل واسع، ولكن أكثر ملحوظة شدت انتباهي، ما ذكرته الزميلة فضيلة المعيني حين قالت: «لكم ان تتخيلوا واقع الهوية الوطنية في صحافة أبطالها ليسوا من أبناء الوطن، فلطالما شكا واقعنا الإعلامي ندرة العنصر المواطن وأكد الحاجة الى اسماء اماراتية تحمل لواء الهوية والوطن».

لن أزيد على ما ذكره الزملاء الأعزاء خلال الملتقى، وما ذكروه في أعمدتهم، وأود هنا أن أطرح فكرة، متمنياً أن تتبناها مؤسسة دبي للإعلام وشركة أبوظبي للإعلام والمجلس الوطني للإعلام، وذلك باختيار أفضل خريجي الصحافة، حديثي التخرج من أبناء البلاد، الذين في أغلبهم درسوها باللغة الإنجليزية، وعقد اتفاقات مع أفضل وأعرق الصحف العالمية، كالبريطانية ومنها: «ديلي ميرور»، «ديلي تلغراف»، «ديلي اكسبرس» «ذا صن» وكذلك مع أفضل الصحف الأميركية مثل «نيويورك تايمز»، «واشنطن بوست»، «يو اس ايه توداي»، «ديلي نيوز»، وغيرها الكثير في الولايات المتحدة، على ألا تقل فترة التدريب والعمل في تلك الصحف عن مدة خمس سنوات، أو أكثر إن أمكن، وتتحمل مؤسسات الإعلام المحلية رواتبهم وتكاليف تدريبهم وإقاماتهم في تلك البلدان. وعندما يعودون إلى الوطن بعد انتهاء فترة تدريبهم، يتم تعليمهم من جديد مهارات اللغة العربية، باستثناء من سيعمل في صحافتنا الإنجليزية.

العملية مكلفة، صحيح، لكننا في النهاية نصنع صحافياً إماراتياً مصقولاً بخبرات ومهارات في صحف لها وزنها على المستوى الدولي، فصناعة الإنسان لا تقل كلفة عن صناعة المكان، بل تزيد عليه.. مجرد فكرة.

أحيي وأشكر الأستاذ الباحث جمال بن حويرب على المقالين اللذين كتبهما يوم الأحد والاثنين الماضيين في «البيان» تحت عنوان «وثقوا لهجتنا قبل الانقراض»، وأقتبس ما يلي: «وأتساءل أيضاً لماذا لا نبدأ بمشروعٍ مماثل للهجتنا الإماراتية المحلية التي هي لهجة واحدة، ولاتزال موجودة عند كبار السن، وإن اختلفت في طريقة نطقها في بعض المناطق، ونقوم بإنقاذها قبل ضياعها للأبد، فإنّ الجيل الحديث يتحدّث بأقل من 4٪ من لهجتنا المحلية القديمة، حسب نتائج بحثٍ قمتُ به بنفسي، ولماذا لا تقوم الشركات الكبرى برعاية هذا المشروع، التي تأكل ليل نهار من هذه الدولة المعطاء، ولا نرى شيئاً من نفعها، فهل يجب أن تضيع ثم نجري للبحث عنها كما يفعل الأستراليون اليوم؟!».

لقد استطاع الأستاذ بن حويرب، في المقالين، أن يعلل ما لم استطع تعليله قبل أسابيع قليلة عندما انتقدت الواقع الدرامي الحالي، والذي يعاني تخبطاً، ليس على مستوى الأداء والتمثيل، بل على مستوى طرح قضايا ليست من ثقافتنا واستيراد كلمات ومصطلحات ليست إماراتية! وهي ليست دعوة إلى محاربة اللغة العربية، لأنني من أشد المدافعين عنها، ولكن يحق لي أن أغار على لهجتي أيضاً.

بلغني أن الكثير من الزملاء الأعزاء في الوسط الفني غاضبون مني على ما طرحت، للأسف الاختلاف في الرأي يفسد للود قضية وليس العكس.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر