5 دقائق

(حرامية الهوش!)

عبدالله الشويخ

تخيل وأنت تمر بأزمة اقتصادية لا تقل ضراوة عن تلك التي يمر بها اليونانيون، وفي منتصف شمس الظهيرة تسمع صوت الكناري السمج الذي أفسدوا جماليته عندما قرروا أن يجعلوه علامة مميزة لرنة جرس المنزل في 90٪ من بيوت الإمارات، تذهب وأنت تفتخر بلقب «أبو وزار وفانيله» لتفاجأ بأحد الباعة الجائلين على باب المنزل يطالبك بتسديد مبلغ 5000 درهم رسوم استئجارك «سكوتر» لمدة أسبوع، ستميز بالطبع نوعية نعاله التايلندي الذي يحمل اسماً تجارياً محلياً شهيراً، لأنه سيضعه بين ضلفتي الباب مانعاً إياك من إغلاقه، تخبره بكل وضوح أنك لم تستأجر أي «سكوتر»، وأنك لا تحب ارتياد البحر أصلا.. لكنه يواجهك بأدلة دامغة لا تستطيع معها الفرار.

فأولاً تقوم شركة «السكوترات» بإرسال رسالة نصية لك بأن حالة البحر رائعة وأن عليك القيام باستئجار «سكوتر»، ثم تقوم الشركة بإحضار أغلى نوعيات «السكوترات» ووضعها أمام كراج بيتك، والبدء باحتساب الإيجار من دون أن تطلب أنت شيئاً من ذلك، وعلى الرغم من أنك لم تنتبه إلى وجوده، لأن المنطقة أمام كراج المنزل، خصوصاً في الفرجان المزدحمة، هي «ملطشة»، وسبيل لجميع أصحاب الزوارق و«السكوترات»، فإنك لا تميز أبداً أن هذا «السكوتر» مرسل إليك تحديداً، ثم تنقضي مدة العرض وتبدأ الشركة بمطالبتك بالإيجار، هل من الممكن أن يقوم أحد بالدفع في هذه الحالة؟ أم أنه سيملأ الدنيا صراخاً ويشعل النار في «السكوتر» وفي المحصّل؟!

مع الأسف هذا هو ما يحدث تماماً من قبل بعض شركات الاتصالات في الدولة، ولن أسميها بالطبع، ليس خوفاً من الملاحقات القضائية فقد اعتدت عليها، لكن خوفاً من عدم حصولي على رقم مميز في القوائم المقبلة في ظل عدم وجود سياسة واضحة لتوزيع الأرقام المميزة، تقوم الشركة بكل صفاقة بإشراكك في خدمة لم تطلبها ولن تطلبها، وبعد شهر أو اثنين تفاجأ، كما هي العادة، بانقطاع رقم والدتك (المسجل باسمك بالطبع)، فتركض إلى المقر الرئيس الذي يطالبك بالدفع عن أرقامك الأصلية، وعن هذه الخدمة التي استخدمتها كثيراً، وتضاعف استخدامها وأنت في الخارج، تخبر الجميع بدءاً من موظف «الكاونتر» إلى الخبير التقني إلى محامي المؤسسة بأنك لم تطلبها، ويجيبك الجميع بما معناه أن «القانون لا يحمي المغفلين»، ولما كان خوفك من أمك أكثر من أي شيء آخر فستقوم بالدفع مرغماً، خصوصاً مع ندرة الخيارات البديلة، وعدم إدراك الكثير منا لآلية الشكوى لدى هيئة تنظيم الاتصالات لحداثتها على الساحة، لاحظت في المؤسسة عشرات الحالات الشبيهة، خدمات لم تُطلب بأسعار فلكية وعليك الدفع أو الدفع، وإذا كان لديك وساطة فستدفع أيضاً، لكن بالتقسيط!

سيتساءل الكثيرون عن سبب صبر الكثير من المستخدمين على هذه الظاهرة الغريبة، والجواب في قصة من التراث البريطاني، عندما كان روبنسون كروزو في تلك الجزيرة المعزولة مع زوجته، وسألته برومانسية: هل تحبني يا كروزو؟

فقال لها: هو في غيرك؟!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر