من المجالس

عادل محمد الراشد

توضأت بكمية من الماء في أحد مساجد أبوظبي، أعتقد أنه لو تم توزيعها على صف كامل من المصلين لكفتهم، والتفت عن يميني ويساري في الميضأة، فإذا هي حال كل المتوضئين، مياه تتدفق بقوة، قليلها يؤدي غرض الوضوء، وأكثرها يذهب هدراً إلى قنوات الصرف، لم يكن ذلك تعمداً للإسراف، لكنه نزولاً عند إرادة نظام الصنابير الآلية التي تعمل بالضغط، وعزم المضخة الجبارة المنصوبة على سطح الميضأة.

لذلك لم أندهش عندما اطلعت على تقرير هيئة مياه وكهرباء أبوظبي الذي يقول، إن نصيب استهلاك الفرد من المياه في إمارة أبوظبي يعد الأعلى عالمياً، متفوقاً على مثيليه في أميركا وسنغافورة، ولم أتعجب مما أورده التقرير من أرقام حول حجم الفاقد السنوي لهدر المياه، تعطي الإمارة 16٪ بينما هو في هولندا، صاحبة الأمطار والأنهار 2٪ فقط، وسنغافورة 4.5٪.

مرافق المساجد واحدة من أبواب الهدر في المياه، وربما تكون خسائرها أقل بكثير من الفنادق والمساكن وسائر المرافق، لكن للمساجد خاصية تجعلها الأولى بتطبيق السنّة، وتقديم الصورة الأمثل لثقافة المسلم الذي يرعى النعم ويحافظ على الحق العام.

ومشكلة المساجد في هذا الشأن تتمثل في قلة وعي العديد من المصلين، لكن قلة هذا الوعي لم تواجه بمحاولات تقويم فاعلة، واقتصرت على سياسة المواعظ التي لا يفهم أغلب مستمعيها لغة خطابها، فتذهب أدراجها من دون أن يصل صداها. وقد سمعنا كثيراً عن إجراءات جديدة ومواصفات جديدة ستفرضها السلطات البيئية على مواصفات البناء، وقيل غير ذلك عن آليات لترشيد الاستهلاك في المساجد والمراكز التجارية وغيرها من المرافق العامة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث إلى الآن، وبقيت صنابير الماء تواصل هديرها وهدرها لتذهب توقعات التقرير بزيادة مثيرة للاستهلاك خلال السنوات العشر المقبلة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر